الباحث: د. سمير الضامر
الباحث المساعد: أحمد العبد رب النبي
التقارير والأبحاث والمقابلات:
د. عبدالعزيز بن عبدالرحمن الضامر
د. عبدالله بن علي الخضير
أ. أحمد بن عبدالله العيسى
أ. حسين الملاك
أ. علي بن عيسى الوباري
"وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً"
سورة مريم 25
***
"كجالب التمر ‘لى هجر"
مثل عربي قديم
***
(ثم سافرنا إلى مدينة "هجر" وتسمى الآن بـ "الحساء"، وهي التي يضرب المثل فيها فيقال: كجالب التمر إلى هجر، وبها من النخيل ما ليس ببلد سواها، ومنه يعلفون دوابهم، وأهلها عرب).
رحلة ابن بطوطه
***
-قال: وش قناد القهوة؟
-الهيل.
-لا.
-الزعفران.
-لا.
-العويدي.
لا.
-قال: قناد القهوة خلاص الحسا.
***
(وفي الحسا تمر كثير حتى إنهم يسمنون به المواشي، ويأتي وقت يباع فيه أكثر من ألف مَنّ بدينار واحد)
سفر نامه. ناصر خسرو
***
(وصلنا في اليوم الخامس الحسا فإذا هي بلدة عظيمة البنا، واسعة الرحاب، كثيرة المياه، تشمل عيونا جارية، وآبارا معينة، ومساجد وعلماء وصلحاء.. محصولها النخيل، وجل غلالها التمر)
رحلة مرتضى بن علوان
***
تزداد أهمية البحوث في التراث الثقافي المادي و غير المادي في المملكة العربية السعودية، لما لها من أهمية كبيرة في تعزيز قواعد البيانات الثقافية من ناحية، وتعزيز جوانب التوثيق للعناصر، ولما لها من أهمية في كونها رافداً من روافد التنمية الثقافية، وصناعة منتجات معاصرة، ومن هنا كان اختيار موضوع (نخلة الأحساء وأثرها الثقافي على مر العصور) ليكون في هذا السياق الذي تدعمه وتعززه رؤية المملكة العربية السعودية 2030م في مجالات الأبحاث والدراسات وتوثيق التراث، وجعل تلك العناصر جاهزة لتسجيلها بشكل علمي في منصات التوثيق والدراسة حول العالم. أضف إلى أن تاريخ النخلة -في الأحساء خصوصاً- يستدعي في الذهن مجموعة أسئلة منهجية في الثقافة الاجتماعية منها:
كما أن دخول الأحساء في منظومة الاعتراف العالي بقيمتها الثقافية والاقتصادية بوصفها من (المدن المبدعة في الحرف والفنون 2015م)، وبوصفها (موقع تراث عالمي 2018م)، فإن ذلك يستدعي توجيه كافة الجهود الفردية والمؤسساتية لتفعيل توثيق المعلومة، ونشرها بكافة الأنواع الثقافية والإعلامية، وتسهيل البحث عن كل العناصر الثقافية والتراثية في الأحساء، كما أن ذلك مطلب علمي وثقافي وإعلامي، ومن هنا كان سبب اختيار موضوع البحث ليكون ضمن المبررات التي سبق ذكرها، ولما للنخلة من مكانة تاريخية عميقة في حياة الإنسان في الجزيرة العربية وخارجها من الناحية الاقتصادية.
تكمن إشكالية الموضوع في البحث عن علاقة الإنسان بالنخلة. وعن علاقة الأثر والتأثير في كليهما، فإذا كان الإنسان الحساوي على مدى تاريخ استيطانه للواحة قد اعتنى بالنخلة وطور من وسائل السقي والرعاية، فهل كان للنخلة أيضاً دورها في العناية بالإنسان؟ قد تبدو عناية النخلة بالإنسان ظاهرية في كونها تمده بالغذاء، ولكن: هل يمكن للعلاقة بينهما أن تفرز تراثاً ثقافياً من نوع واحد أو أنواع متعددة؟ هل يمكن للعلاقة بين الإنساني والنباتي أن يُوجد رؤيةً أو نظرةً للحياة وجمالياتها؟ والسؤال الأهم: كيف يمكن أن نجد العلاقة الأنثربولوجية ما بين الإنسان والنخلة؟ ومن هنا انطلق هذا البحث من خلال هذه الأسئلة المنهجية، وتم تقسيم موضوع البحث إلى ثمانية مباحث، جاءت على النحو التالي:
تم اختيار عناصر المباحث الثمانية بناء على رؤية أنثربولوجية شاملة، وبناءً على احتياجات رصد عناصر التراث الثقافي في المملكة العربية السعودية، وتم اختيار (المنهج الوصفي) للظاهرة الثقافية مع النخلة ليكون هو المحور في المعالجة العلمية، كما تم صياغة البحث -بعد الاستفادة من المصادر- بأسلوب سهل غير متكلف، يراعي الاستفادة من محتوى البحث في توليد العديد من الأشكال والمنتجات المعرفية الإبداعية، كما أن حصر بعض قصص التراث الشفهي كانت حاضرة ضمن منهج البحث، وتم رصد عدد من الروايات والقصص الشفاهية والطقوس وتم إسنادها لرواتها الذين تم اللقاء بهم. وتأطرت المادة العلمية في تناول نطاق العمل حول (النخلة في واحة الأحساء)؛ شرقي المملكة العربية السعودية، لتكون محور التناول المعرفي والثقافي، بوصفها نموذجاً له صلة بالتاريخ وبالاستقرار وبالهجرات وبتكيف الإنسان مع البيئة وإنتاج ما يُعينه ويُسعده فيها. على أمل أن يلهم هذا البحث بحوثاً وباحثين آخرين ليظهروا عناصر ثقافية وحِرفية أخرى والكتابة عنها في كل مناطق ومحافظات المملكة العربية السعودية.
تقوم مباحث الدراسات الثقافية بتعزيز حضور الموضوعات المُهمشة في الثقافة، بمعنى أنها تسلط الضوء على ما لم تلتفت إليه الدراسات والبحوث الأكاديمية النخبوية، أو المرتبطة بمراكز القوى السياسية أو الأيدلوجية العالمية، ويندرج هذا البحث في سياق تسليط الضوء على مبحث الدراسات الثقافية التي تبحث في العلاقة بين الإنسان والأرض، وكيف أن علاقة التبادل بينهما ولَّدت دائرة حياة ثقافية اجتماعية، ولذلك فسيواجه القارئ في هذا البحث عدداً من المصطلحات ومن أهمها: التراث الثقافي، تاريخ النخلة، الفنون الشعبية، العادات والتقاليد، الأغنية الحساوية، الشعر العامي، هجرة النخيل.. وما إلى ذلك من مصطلحات تساعد على دراسة النخلة بوصفها عالماً مُشكِّلاً لثقافة تقليدية ارتبطت بعامة الناس الشعبيين من الفلاحين، والرواة، والتجار، وأنشأت علاقات قرابة وقربى بين ما لا يمكن التقارب بينه في الواقع، كالتقارب بين الإنساني والحيواني، أو الإنساني والنباتي على سبيل المثال. وفي هذا التفات مضمر إلى أن تاريخ الحضارات قد تشكل مما أنتجته المجتمعات المرتبطة بالأرض، أكثر من المجتمعات المرتبطة بالرحيل والحروب والنزاعات. وعليه فهل يكون للنخلة تاريخ؟ أم أن تاريخها هو تاريخ للإنسان، ولكن بصورة مقلوبة؟
لعلنا نحاول أن ننظر للأحساء وتاريخها من خلال منظور جديد، هذا المنظور لم تشكله العناصر التاريخية أو السياسية أو الاجتماعية كما هو في عرف الأبحاث والدراسات التي تقوم على هذا المنظور دائما! وبتصور بسيط من خلال سؤال سهل جدا: ما هو العنصر الطبيعي الذي جذب وشكل الحضارات والتاريخ والصراعات المختلفة في تاريخ الأحساء؟ والجواب ببساطة: إنه عنصر الغذاء، عنصر الوفرة من الخيرات الطبيعية في الواحة الريفية، وقد شكلت كثرة النخيل ووفرة المياه أساسا مهما من أساسيات الاستقرار الحضاري، والصراع السياسي منذ آلاف السنين في هذه المنطقة. هذا عدا أنها تقع على طريق الحرير، ورحلات التجارة العالمية حتى الشرق الأدنى.
النخلة القديمة في واحة الأحساء، والمياه الجوفية المتفجرة من أراضيها، جذبت كثيرا من الناس في مختلف المراحل التاريخية التي مرت بها، وكونت النخلة والمياه واحة غناء تعد من أقدم وأغنى الواحات في العالم، ولعل هذا المنظور من مباحث الدراسات الثقافية، وتحديدا الأنثروبولوجيا الثقافية، هو ما سيعطينا ملامح وتصورات حول تاريخ النخلة في واحة الأحساء وما ارتبط بها من سياقات مختلفة، ربما لا يكون هناك دراسات مهتمة بتاريخ النخلة تحديدا كما في دراسات تاريخ الحضارات والشعوب والقبائل، ولكن هذا التاريخ هو تاريخ الاستيطان القديم الذي تعززت أشكاله حول واحة النخيل والمياه، وجذبت الكثير من الأمم والقبائل على مدى التاريخ.
لقد أشارت الدراسات والأبحاث الأثرية إلى أن منطقة الأحساء وعموم منطقة الخليج العربي قد تم الاستقرار الحضاري فيها ".. من العصر الحجري القديم إلى مرحلة الاستقرار في الألف الخامس قبل الميلاد" وتشير بعض المصادر التاريخية (إلى أن الجنس الدرافيدي والأوروافريقي (الحامي)، والمغولي هم من أوائل الأجناس البشرية التي قدمت إلى أراضي هذه المنطقة منذ حوالي 10000 سنة قبل الميلاد. بحسب ما أشار إليه د. الطاهر (1). ويشير هذا المرتسم (الأنفوجرافيك) إلى تتبع الخط التاريخي الذي تعاقبت عليه الدول والحضارات في منطقة الأحساء:
تعاقب بعض الدول والحضارات على الأحساء: (2).
<div><table><span id="docs-internal-guid-ed93d55e-7fff-8ae7-d0be-e016d3d6a7a7"><div dir="rtl" align="left"></div></span><colgroup><col width="284"><col width="284"></colgroup><tbody><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الكنعانيون</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الألف الثالث قبل الميلاد</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الفينيقيون</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>2500 قبل الميلاد</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الكلدانيون</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الألف الأول قبل الميلاد وأسسوا مدينة قرب ميناء العقير اسمها: (الجرهاء)، وقيل (الجرعاء)</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>قبيلتا طسم وجديس</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>القرن الخامس قبل الميلاد</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>قبيلتا قضاعة والأزد</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>بعد الميلاد</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>حكم الفرس</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>هذه الفترة كانت مليئة بالاضطرابات والحروب بين القبائل العربية وخصوصا إياد وعبد القيس ضد الفرس</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>قبيلة بني عبد القيس </span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>وهي تقريباً الفترة الموازية لفترة الجاهلية وقبل عصر الإسلام</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>عهد النبي صلى الله عليه وسلم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>في السنة السادسة للهجرة وجه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابيين أبا هريرة، والعلاء بن الحضرمي إلى أهل البحرين، وقدما رسالة إلى المنذر بن ساوى حاكم البلاد يدعوه فيها للإسلام، فأعلن المنذر بن ساوى إسلامه وتبعه كثيرون.</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>عهد الخلفاء الراشدين</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>11هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>40هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>عهد الدولة الأموية</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>40هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>132هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>عهد الدولة العباسية</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>136هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>289هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>عهد دولة القرامطة</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>286هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>466هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>دولة العيونيين</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>466هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>636هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>دولة آل عصفور</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>636هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>820هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>دولة الجبور</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>820هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>933هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>آل مغامس</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>933هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>963هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الدولة العثمانية</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>963هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1077هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>آل حميد</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>1077هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1081هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>آل براك بني خالد</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>1081هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1207هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الدولة السعودية الأولى</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>1208هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1234هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>إمارة بني خالد</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>1235هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1258هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الدولة السعودية الثانية</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>1285هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1288هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الدولة العثمانية</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهاية الحكم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>1288هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1331هـ</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>الدولة السعودية الثالثة</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>بداية الحكم</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>من دخول الملك عبدالعزيز للأحساء عام 1331هـ وحتى اليوم ولله الحمد والمنة</span></p></td></tr></tbody></table></div>
إن القارئ لتاريخ الأحساء وللدول التي تعاقبت عليها سيجد أن المياه والنخيل كانت مصدرا من مصادر العيش والتجارة، ومصدرا من مصادر أموال الخراج التي كان عمّال تلك الدول يجمعونها لملوكهم وحكامهم، كما كانت الأحساء تصدّر التمور عن طريق البحر نحو الخليج العربي والهند وفارس، ونحو البر لكافة مناطق الجزيرة العربية وإفريقيا.
لقد وقعت معارك وغزوات كثيرة في الأحساء على مدى تاريخها الطويل، وذلك بأسباب أخذ غلال النخيل وصرام التمور من أهلها، وفي هذا السياق وردت روايات وقصص كثيرة حول ذاك الصراع سواء في الروايات الشفهية، أو الروايات المكتوبة. ومن أهم الروايات المدونة ما كتبه مؤرخ الأحساء الشيخ محمد العبدالقادر، حيث دون هذه الرواية فكتب: "كان كثير من (أهل البادية) وأحلافهم ينزلون في أيام القيظ في الأحساء، حتى يحين وقت جذاذ التمر، فيشترون ميرتهم، ويخرجون إلى البادية، وكان نزولهم بموضعين الحزم، الذي بقرب بلد المبرز، والرقيقة التي بقرب بلد الهفوف، وفي سنة أربع وعشرين، اعتدى رجال من الساكنين في حزم المبرز على نخيل عين الزواوي، ليأخذوا منها رطبا فطردهم أهلها، وتراموا بالبنادق، وفزع أهل المبرز لأهل النخيل، وفزع سكان الحزم، والرقيقة لأصحابهم، ودامت الحرب بينهم من بعد طلوع الشمس، إلى قرب الزوال، وفي الآخر تغلب رجال المبرز على سكان الحزم، وهاجموا منازلهم، وأحرقوها وانتهبوها، وسقط من الفريقين عدد من القتلى والجرحى، وحينئذ أعلنت الأحساء الحرب على (أهل البادية)، فلا يدخلها أحد منهم، ودام ذلك من جمادى الثانية سنة أربع وعشرين، إلى رمضان، وفي رمضان بلغ أهل الأحساء أن (أهل البادية) قد جاؤا بأجمعهم، ومن انضم إليهم من البادية، لمهاجمة نخيل الأحساء، وأخذ الميرة قهراً، فطلبوا من محمد نجيب أبو سهيل أن يخرج معهم حملة عسكرية مزودة بالمدافع ليصدوا هجمات البادية، وبعد أخذ ورد، أجابهم لذلك، فخرج عامة أهل الأحساء وعساكر النظام، وكان أهل (قرية)، و(فريق) تحت رايتهم وليس لهم قائد عام يأتمرون بأوامره، فخرجوا في رمضان وقصدوا (أهل البادية) في ناحية الوزية المعروفة ونزلوا في ذلك الموضع، قرب صلاة العصر فظهرت عليهم خيل العدو لتعرف منزلهم فظنوا أنها تريد أن تغير عليهم، فتيسروا للقتال وناوشوهم الرمي، ولما أظلم عليهم الليل أحاط بهم العدو من كل جانب، وجعلت الحامية العسكرية ترمي بالمدافع إلى غير ناحية العدو، وانهزم الناس لا يلوي أحد على أحد، وقتل من أهل الأحساء عدد كثير، وجملة من عساكر الدولة، وانتشر العدو في النخيل والزروع وأفسدوها، وهاجموا قرية الحليلة والكلابية والشقيق وانتهبوها. وبعد ذلك جرى الصلح بين (أهل البادية) وأهل الأحساء، على أن تعود الأمور كسابق عهدها، ويمتاز (أهل البادية) من الأحساء" (3).
قد يبدو هذا السؤال ساذجاً نوعا ما، وقد يكون سؤالاً محورياً في تناول تاريخ النخلة الحساوية، ولا يمكن أن نعوّل على أي إجابة فيه مالم يكن لها دليل من البحث والتقصي في هذا المجال، أي في تاريخ الثقافة الزراعية وأصول وبدايات الفلاحة والعناية بالأرض في المنطقة منذ القدم. بالرجوع إلى أقدم المراجع في هذا الشأن –بحسب ما وصلنا إليه الآن- فإننا نطلع على كتاب قيم من الكتب التي اعتنت بتاريخ الفلاحة وأنماطها وتفاصيل الأشجار والنباتات في مترجمات كتب المعرفة السريانية القديمة، وهو كتاب (الفلاحة النبطية) وقد كُتب هذا الكتاب باللغة السريانية في مطلع القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وقد نقله إلى العربية أبوبكر بن أحمد بن علي بن قيس الكسداني القيسي المعروف بابن وحشية، في سنة 291هـ وأملاه على أبي طالب أحمد بن الحسين بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الملك الزيات في سنة 318هـ. والكتاب منسوب إلى ثلاثة من حكماء الكسدانيين القدماء (4). وقد أفرد الكتاب فصلا كاملا بعنوان (باب ذكر النخل) وفيه من التفاصيل ودقائق المعرفة في غرس النخيل والعناية بها شيئ كثير.
ذكر الكتاب في موطن شجرة النخل قولين هما:
ولتحرير القولين والربط بينهما فإن ما بين فارس واليمامة تقع الأحساء القديمة/البحرين/هجر، وهي التي اشتهر عنها غراس النخيل منذ ذلك الحين، وكانت إقليميا وسياسيا في بعض العهود تشمل شرق الجزيرة العربية والبحرين وجنوب إيران وعمان. وعليه فيؤكد "عالم النخيل أودار أدو بكاري أن منطقة الخليج العربي هي الموطن الأصلي لشجرة النخيل، وأنها من أقدم الأشجار التي عرفها الإنسان، ويشير كثير من الكتاب إلى أن الأحساء على وجه الخصوص هي مكان أصل نشأة شجرة النخيل، ومن ثم انتقلت إلى العراق، وأن تاريخ معرفة شجرة النخيل يعود إلى أكثر من 4000 سنة" (7)، وفي السياق نفسه يشير الباحث الدكتور عبدالرحمن الحسيني إلى مكانة الأحساء في التاريخ حضارياً واقتصادياً وعلمياً فيقول: "ثم إن الأحساء ذكرت في أحد كتب التاريخ عندما صنفت أحد أهم عشر مدن قبل ألف سنة من الآن، وكانت الأحساء ترتيبها السابع، تأتي قبل باريس حيث باريس ترتيبها الثامن" (8).
كما أن بعض الآثار التي عثر عليها في الأحساء تدل على عراقة وقدم الحضارة الزراعية فيها، ومن ذلك ما ذكره الدكتور فهد الحسين عن بعض الآثار التي عثر عليها في المبرز وتحديدا في حي العيوني القديم المعروف بـ (الشوادن)، "أقدم أثر في المبرز يمكن أن نؤرخ له –تقديراً- ما بين 300 ق م إلى حدود 200، وهذه الآثار عبارة عن تماثيل عثر عليها مصادفة عند إعادة بناء أو حفر أساسات مسجد قديم في المبرز، مسجد مشهور هو مسجد السنيدي، حيث عثر العمال على تمثالين؛ أنا رأيت التمثال الصغير الذي هو بحجم ذراع اليد، أما التمثال الكبير فقيل إنه بحجم الإنسان، والتمثال الصغير هو عبارة عن تمثال لامرأة تحمل سلة على رأسها، وإحدى يديها مسدولة للأسفل. سمات هذا التمثال هلينستية تؤرخ عادة ما بين 300ق م إلى امتداد وحدود 250. التاريخ بحذر" (9).
وكون هذا التمثال على شكل امرأة تحمل سلة، فإنهما أي المرأة والسلة يرمزان لحالتي الخصب والوفرة وخيرات الأرض الزراعية، ولا زالت السلال و القفيف و المراحل والقراطل التي تصنع من سعف النخيل حاضرة إلى اليوم في الأحساء، وتمثل البعد الحضاري لمنتجات النخلة قديما وحديثاً.
يرى المهندس الزراعي حسن مرعي الذي كان في الأحساء في الخمسينيات الميلادية من القرن العشرين، من خلال دراسته عن النخيل في المملكة العربية السعودية، وكتب تحت صورة نخيل وفسائل في الأحساء: "صورة تاريخية لنخيل الاحساء وكانت الفسائل تترك تنمو في قواعد امهاتها الى ان تثمر وانتشرت هذه الطريقة في بلاد النوبة العليا والسفلى على شاطئ النيل والحبشة والصومال ولا تزال متبعه في شمال السودان مما يعزز ان النخيل نقلت من ارض الجزيرة العربية ونقلت معها طريقه الزراعة التي كانت سائدة منذ القدم" (10).
آراء بعض الباحثين (علماء القرن 19 الميلادي) في أصل شجرة النخيل: أنفوجرافيك..
<div><table><span id="docs-internal-guid-1eec03b3-7fff-50b0-adf8-b0a5c540cfae"><div dir="rtl" align="left"></div></span><colgroup><col width="284"><col width="284"></colgroup><tbody><tr><td><p dir="rtl"><span>الباحث</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>أصل شجرة النخيل</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>دو كاندول (de candolle)</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>ارجع أصلها الى صحاري شمال غرب افريقيا</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>شفاينفريث (schweinfurth)</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>شمال افريقيا المدارية</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بونافيا (Bonavia)</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>شبه الجزيرة العربية</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بيكاري (Beccari)</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>منطقة</span><span>منطقه الخليج العربي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>بواسيير (Boissier)</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>جنوب فارس</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>هاملتون (Hamilton)</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>غرب الهند</span></p></td></tr><tr><td colspan="2"><p dir="rtl"><span>المرجع:</span></p><p dir="rtl"><span>الفصل الثالث: دراسة في اصول تدجين شجر نخيل التمر. مارجريتا تنجبيرج. ص71. مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. ط1 2005 ابوظبي</span></p></td></tr></tbody></table></div>
رحلة بذور وفسائل النخيل من منطقة الخليج العربي إلى العالم. انفو جرافيك:
في مسرد علمي وثقافي مميز أورده المهندس الزراعي حسن مرعي، حول رحلة فسائل النخيل، على اعتبار أنه يرى أن الأحساء هي موطن أصل النخيل، وعلى اعتبار أن الأحساء/الإقليم القديم الذي يمتد من جنوب البصرة شمالاً وحتى شمال عمان جنوبا، مع عدم اغفال منطقة شرق الخليج العربي بحسب رأي ابن وحشية السابق. فإن تلك الفسائل والبذور وجدت رحلتها في مراحل تاريخية مختلفة كالتالي:
الزراعة في الأحساء قديمة جدا، ولعل الاكتشافات الأثرية، ومواقع الفخار، ونوى التمور المكتشفة في أماكن متفرقة من واحة الأحساء تدل على ذلك، و "من المؤكد أن ظهور الزراعة، وقيام المجتمعات الزراعية المستقرة في واحة الأحساء قد تكون متزامنة مع ظهورها في البلدان المجاورة للواحة كما هو الحال في اليمن وعمان وجزيرة البحرين وفي واحة القطيف ووادي المياه ويبرين وبلاد الرافدين، التي يرجع تاريخ الزراعة فيها إلى حوالي 5500 سنة قبل الميلاد، على الرغم من وجود بعض الأدلة التي تشير إلى أن تاريخ ظهورها في تلك الأماكن يعود إلى حوالي 7000 سنة قبل الميلاد. على كل حال يمكن القبول بتاريخ ظهور الزراعة في المنطقة الموضح أعلاه، ولكن السؤال الذي يمكن أن يطرح في هذا الشأن: من الذي بدأ زراعة الأرض في الواحة؟ هل هم العمالقة، أم الفينيقيون، أم الآشوريون، أم غيرهم من الأقوام الذين استقروا في الأحساء كالنبط والزظ والسبابجة والجرامقة؟ أم القبائل العربية التي هاجرت إلى الأحساء من جنوب الجزيرة العربية على مدار آلاف السنين؟" (11).
كما هو في علم الكثيرين أن مياه الأمطار في الأحساء ليست غزيرة، كما أن مناخها شديد الحرارة في غالب أيام السنة، إلا أن الطبيعة الجيولوجية فيها لها دورها في الاحتفاظ بكميات هائلة من المياه، وليس غريبا أن يعرف الكثيرون أن الأحساء تقع على بحيرة أو بحر هائل من المياه في باطن الأرض، وظهوره لا يحتاج حفراً عميقا. ويرصد لنا الدكتور عبدالله الطاهر الحالة العلمية الجيولوجية التي تجمعت فيها مياه الواحة: "ساعد وضع الأحساء الجيولوجي والتضاريسي ووقوعها في السهل الساحلي المنخفض من إقليم الأحساء،، إلى تحولها إلى منطقة تتجمع فيها المياه التي تنساب إليها من المناطق المرتفعة المحيطة بالواحة سواء عن طريق الجريان المائي السطحي (الأودية) أو الجريان المائي تحت السطحي (العيون) أدى ذلك الوضع إلى انتشار مستنقعات المياه الحلوة، وتدفق مياه العيون، وارتفاع منسوب الماء الأرضي، مما ساعد على نمو النباتات حول تلك المستنقعات وداخلها وبالقرب من منابع العيون وحول مجاريها المائية كالنخيل والقصب والأثل والطرفاء والحلفاء والأسل وغيرها من الأعشاب والحشائش" (12).
تُسقى نخيل الأحساء من عيون مائية فوارة، تتفرع منها أنهار عظيمة وجداول كثيرة، وقد رصدها بشكل دقيق صاحب (كتاب تحفة المستفيد) وقسّمها بناء على الجهات والأماكن، وكان العلامة آل عبد القادر في رصده وتتبعه للعيون وتفرعاتها من الأنهار والجداول يرسم أطلساً مائياً متحركاً، دل ذلك على معرفة عميقة بمسارات العيون وفضلاتها والقرى والنخيل التي تسقيها، ومبحث العيون المائية في الأحساء يستحق أن يفرد له معجم لغوي وثقافي متخصص في مجاله. وقد ذُكرت تلك العيون بمسمياتها وتفريعاتها في أهم المراجع التي كتبت عن تاريخ الأحساء، ومن أشهر العيون والأنهار المائية في الأحساء ما يظهر لنا في هذا المرتسم/أنفوجرافيك:
<div><table><span id="docs-internal-guid-fb33b762-7fff-d5d8-9766-6e43d2a01526"><div dir="rtl" align="left"></div></span><colgroup><col width="189"><col width="189"><col width="189"></colgroup><tbody><tr><td><p dir="rtl"><span>عين الخدود</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين اللويمي</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين مرجان</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عين الحقل</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين الحارة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نهر سليسل العظيم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عين غصيبة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين أم سبعة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين الطريبيل</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عين التعاضيد</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين الجوهرية</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين الزواوي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عين برابر</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين منصور</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين الحويرات</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عين البحيرية</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين المطيرفي</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين نجم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عين أم الخيس</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عين أم خريسان</span></p></td><td><br></td></tr></tbody></table></div>
اكتسبت النخلة طرقاً مختلفة من أنواع الري قديما، وهذه الطرق تعد من الطرق التقليدية البدائية، بمعنى أنها آلات لضخ المياه ولكنها آلات يدوية الصنع، وتدار بعمل اليد أيضا، كما طوع الفلاحون الأحسائيون الحيوانات والبهائم (الحمير) لتعمل في تحريك تلك الآلات البدائية التي تسقي مزارع النخيل، وقبل أن نتعرف على نظام وطرق الري التقليدي لابد أن نتصور حالةً كاملةً من النظام الاجتماعي كان لها دورها في العناية بري النخيل وسقايتها، بمعنى أن مجتمعاً كاملاً ساهم في هذا الإرث الصناعي وليس الفلاح وحده، وهذا المجتمع هو مجتمع الحرفيين المبتكرين، فابتكار النظام التقليدي في الري هو حرفة وذكاء عملي، فالحرفيون والفلاحون كانوا يدركون مستويات الأرض من ناحية الارتفاع والانخفاض، وموقع المياه والنخيل بهذه المستويات، فالمياه ذات الأرض المرتفعة كيف يمكن لها أن تنزل على النخيل والمزروعات دون أن تتلفها وتغرقها، والمياه ذات الأرض المنخفضة كيف يمكن رفعها لمستويات النخيل ذات الأراضي المرتفعه وهكذا، فاختلاف مستويات الأرض ارتفاعاً وانخفاضاً كان حاضرا في ذهنية الحرفيين والفلاحين على حد سواء. ومنه كانت التصورات والأشكال لابتكار آلات الري.
في الرسم البياني التالي توضيح لعدد الآبار ومواقعها في سنة 1964م في واحة الأحساء (13):
إنفوجرافيك مصادر ري النخيل في الأحساء:
كما تم بناء جدول التاريخ الزمني بحسب المصادر التالية:
وفد أهل الأحساء على النبي صلى الله عليه وسلم في وفادتين: الأولى سنة خمس، والثانية سنة تسع. ذكر صاحب الرحيق المختوم: "كانت لهذه القبيلة وفادتان: الأولى سنة خمس من الهجرة أو قبل ذلك. كان رجل منهم يقال له منقذ بن حيان، يرد المدينة بالتجارة، فلما جاء المدينة بتجارته بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وعلم بالإسلام أسلم وذهب بكتاب من النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومه فأسلموا، فتوافدوا إليه في شهر حرام في ثلاثة أو أربعة عشر رجلا، وفيها سألوا عن الإيمان وعن الأشربة، وكان كبيرهم الأشج العصري الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة"(1).
والوفادة الثانية كانت في سنة الوفود، وكان عددهم فيها أربعين رجلا، وكان فيهم الجارود بن العلاء العبدي، وكان نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه. وعند وفادة بني عبد القيس على النبي صلى الله عليه وسلم سألهم عن التمور التي عندهم. جاء ذكر ذلك في مسند الإمام أحمد: "هل معكم من أزوادكم شيئ؟ ففرح القوم بذلك وابتدروا رحالهم، فأقبل كل رجل منهم معه صُبرة من تمر فوضعوها على نطعٍ بين يديه، فأومأ بجريدة في يده كان يختصر بها فوق الذراعين، فقال: أتسمون هذا التُعْضوض؟ قلنا: نعم. ثم أومأ إلى صُبرة أخرى فقال: أتسمون هذا الصَّرفان؟ قلنا: نعم. ثم أومأ إلى صُبرة فقال: أتسمون هذا البَّرْني؟ قلنا: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه خير تمركم، وأنفعه لكم. قال: فرجعنا من وفادتنا تلك فأكثرنا الغرز منه، وعظمت رغبتنا فيه حتى صار عُظم نخلنا وتمرنا البرني" (2).
في الحديث السابق وردت ثلاثة أنواع من أنواع التمور الأحسائية، وللتعريف بالتمور الواردة في الحديث فهي كالتالي:
تضبط بفتح الباء أو ضمها وإسكان الراء وتشديد الياء (3) واحدته: بَرْنِيّةٌ, ويُقال: نخلةٌ بَرْنِيّة، ونخلٌ بَرْنِيّ(4). ويُعدُّ تمر البَرْني من أفضل أنواع التمور في الأحساء بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: "أمَا إنه خير تمركم وأنفعه لكم". قال أبو حاتم السجستاني: "وأمَّا البَرْنيُّ فخير التمر وأجوده وأصحه" (5), وقال الوليد الباجي: "البَرْنيُّ من أفضل أنواع التمر" (6). وقال فيه الهَمْداني: "له إهالة وجَمِيل (7) مثل جَمِيل الكبش السمين, ولا يُعمل الخمر من مثله"(8). ووصفه أبو منصور الأَزْهَري بقوله: "البَرْنِيُّ: ضَرْبٌ مِن التَّمْر أَحْمر مُشْربٌ صُفْرة، كَثِير اللِّحاء عَذْب الحَلاَوة" (9). كما وصفه الزَّمَخْشَري بأنه: "تمر ضخم, كثير اللِّحاء, أحمر مشرب صفرَة"(10).
أنشد أبوزيد الأنصاري (11):
باتوا يُعَشُّونَ القُطَيْعَاء جَارَهُمْ | وعِنْدَهُمُ البَرْنِيُّ في جُلَلٍ دُسْمِ
فَمَا أطْعَمُونا الأوْتَكَى من سَمَاحةٍ | ولا مَنَعوا البَرْنِيَّ إلا من اللُّؤْمِ
كما وصفه ابن منظور بأنه مُدَوَّر الشكل فقال: "البَرْنيُّ: ضرْبٌ مِنَ التَّمْرِ أَصْفَرُ مُدَوّر، وَهُوَ أَجود التَّمْرِ".
وبعد عرض هذه النصوص فمن الممكن تقريب صورة البَرْني من خلال الصفات الآتية:
1ـ أنه أجود أنواع التمر وأصحه.
2ـ حجمه ضخم.
3ـ لونه أحمر مشرب بصفرَة.
4ـ مُدَوَّر الشكل.
5ـ عليه لِحاء كثير.
6ـ مكون من طبقة غذائية سميكة مثل الشحم.
7ـ لا يمكن تصنيع الخمر من خلاله.
8ـ طعمه عذب شديد الحلاوة.
9ـ كثير دبسه, (في جُلَلٍ دُسْمِ).
بفتح التاء, وهي زائدة مفتوحة ليست بأصلية, واحدته تَعْضوضة, وجمعه تَعضوضاء (12), وفي حديث عبد الملك بن عمير قوله: "والله لتَعْضوضٌ كأنه أَخْفَافُ الرِّبَاع أطيبَ من هذا"(13), وهي كناية عن كبر حجم التمرة.
وقد أنشد الرَيَاشي(14) في صفة حائط نخل ذكر فيه ثلاثة أنواع من تمور الأحساء (التَّعْضوض, العُمُر, البَرْنيّ):
أسْودٌ كالليل تدجَّى أخضرُهْ
مخالط تعضوضة وعُمُرُهْ
بَرْنيَّ عَيْدَانٍ قليلاً قَشُرَهْ
وقد عدَّ ابن الفقيه التَّعْضُوض أجود تمر البحرين(15), كما وصفه خليفة بن خياط فقال: "تظفير أي أساريع وتحزيز, وكأن ذلك شبه بآثار العضِّ" (16).
وقال أبوحنيفة الدينوري: "التَّعْضُوضة: تمرة طَحْلاءُ, كبيرةٌ رَطْبَةٌ, صَقِرَةٌ لذيذة, من جيّد التمر وشَهيِّه, وأخبرني أعرابي من ربيعة أنَّ التَّعْضُوضة تحمل بهجر ألف رطلٍ بالعراقي (17).
قَالَ اللَّيْث بن المُظَفَّر: "الطُّحْلَةُ: لَوْنٌ بَين الغُبْرَة والبَياض فِي سَواد قَلِيل كَسَواد الرَّمادِ" (18), ويكون أيضاً "لَوْنٌ بين الغُبْرَةِ والسَّوادِ بِبياضٍ قليلٍ" (19).
وبهذا يتضح أنَّ لون تمرة التَعْضوض هو لونٌ بين الغُبْرَة والسواد يتخلله بياض قليل, ويأتي منه لونٌ بين الغُبْرَة والبياض يتخلله سواد قليل. إلَّا أنَّ أبا هلال العسكري قال: "التَعْضُوض: تمرٌ أسودٌ كثير اللِّحَاء, واللِّحاء اللحْمُ الذي عليه, وأصل اللِّحاء: القشرة" (20).
ويُعد أبو منصور الأزهري من أهم الشخصيات التي مرَّت بالأحساء في وقته وحصلت له فيها مشاهدات جعلها ضمن كتابه: تهذيب اللغة, ومن ذلك حديثه عن تمر التَعْضوض وأكله منه فقال: "وقد أكلت التَعْضوض بالبحرين فما أعلمني أكلتُ تمراً أحمَتَ حلاوةً منه (21), ومنبته هجر وقُراها", كما وصفه بقوله: "وهو من أسرى تُمْرَان هجر, أسود جَعْد, لحيم عذب, شديدة الحلاوة" (22).
وذكر ياقوت الحموي أنَّ قرية (الفُرْضة) من القرى الأحسائية التي يكثرُ فيها تمر التَعْضُوض فقال: "الفُرْضَةُ: قرية بالبحرين (23) لبني عامر بن الحارث بن عبد القيس, يكثر فيها التَعْضوض, نوع من التمر" (24).
وبعد عرض هذه النصوص فمن الممكن تقريب صورة التَّعْضُوض من خلال الصفات الآتية:
1ـ كبر حجمه.
2ـ أنه أجود أنواع تمور البحرين.
3ـ من صفاته: أنَّ فيه آثار حزوزٍ وتعرجات, تشبه آثار العض, ومنه فيما يبدو سٌمي بالتَعْضوض.
4ـ طعمه لذيذ, شديد الحلاوة والعذوبة.
5ـ لونه بين الغُبْرَة والسواد يتخلله بياض قليل, أو بين الغُبْرَة والبياض يتخلله سواد قليل.
6ـ مُغطى بقشرة كثيرة.
تُضبط بفتح الصاد المُشَدَّدة, وفتح الراء(25), قال الخليل بن أحمد: "الصَّرَفان: من أجود التمر, وضَرْب منه أرْزَنه" (26).
قال الأزهري: "الصَّرَفان: جنس من التمر" (27), وأنشدوا: أكَلَ الزُّبْدَ بالصَّرَفَان(28).
قال أبوهلال العسكري: "والصَّرَفان: تمر أسود ضِخَام" (29).
وكانت الزَّبَّاء بنت عمرو تحب تمر (الصَّرَفان), ومن ذلك قول أبي عبيدة مَعْمَر بن المثنى: "لم يُكن يُهدى إليها شيءٌ أحبَّ إليها من التمر الصَّرَفان", وأنشد (30):
ولمَّا أتَتْها العِيرُ قالت: أَباردٌ | من التمر هذا أم حديدٌ وجنْدلُ
وحينما رأت الزَّبَّاء جمالاً مُحَمَّلة ومُثْقَلةً قالت: (31)
ما للجِمالِ مَشْيُها وَئيدا | أجَنْدلاً يَحمِلْنَ أم حَديدا
أمْ صَرَفاناً بارداً شديدا | أم الرِّجالُ جُثماً قُعودا
ومن ضمن ما فسَّره مرتضى الزبيدي للمراد بالصَّرَفَان في هذا البيت قوله: "تمرٌ رَزِينٌ مثل (البَرْني), إلا أنه صُلْبُ المِضاغ عَلِكٌ, يُعدُّه ذوو العِيالات, وذوو الأُجراء, وذوو العبيد؛ لجزائه وعِظم موقعه, والناس يَدَّخِرُونه" (32)
وبعد عرض هذه النصوص فمن الممكن تقريب صورة الصَّرَفَان من خلال الصفات الآتية:
1ـ كبر حجمه.
2ـ لونه أسود.
3ـ فيه قسوة فهو يُمضغ كما يُضغ العِلْك.
4ـ قابل للادخار والتخزين.
وبهذا يتضح أنَّ حديث وفد عبد القيس يُعدُّ أقدم وثيقة تُعرِّف بأشهر أنواع التمور في الأحساء (البَرْنيّ، والتَعْضُوض)، وأمَّا تمر الصَّرَفان فقد ورد الحديث عنه من أيّام الجاهلية قبل الإسلام، بدلالة أنه من التمور الـمُحببة لدى الملكة الزَّبَّاء.
هناك أنواع أُخرى من التمور الأحسائية ذكرت في كتب اللغة والتراث منها: "التَّبِّيٌّ- العُرف- العُمُر- المكرى, والآزاذ- النَّابِجِيّ" (33).
(1) المباركفوري، صفي الرحمن. الرحيق المختوم. ص 409. ط1. دار الهلال – بيروت.
(2) بن حنبل، أحمد. المسند. ط1. ص367. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. مؤسسة الرسالة. بيروت.
(3) يُنظر: المُخصص لابن سيده (11/133)، فتح الباري لابن حجر (4/490).
(4) يُنظر: تهذيب اللغة (15/154).
(5) النخلة (ص:85).
(6) المنتقى شرح الموطأ (2/159).
(7) هو الشحم المُذاب. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/298).
(8) صفة جزيرة العرب (ص:161).
(9) يُنظر: تهذيب اللغة (15/154).
(10) الفائق في غريب الحديث (2/131).
(11) ينظر: النخلة (ص:85), المخصص (11/133).
(12) يُنظر: تهذيب اللغة (1/61), الفائق في غريب الحديث (2/130), لسان العرب (7/191), تاج العروس (18/436).
(13) ينظر: لسان العرب (7/191), تاج العروس (18/437).
(14) يُنظر: بغية الوعاة للسيوطي (2/27), الأعلام (3/264).
(15) معجم البلدان للحموي. (4/87).
(16) الفائق في غريب الحديث (2/130).
(17) الفائق في غريب الحديث (2/130) بتصرف يسير, وينظر: المخصص (11/134).
(18) تهذيب اللغة (4/223).
(19) القاموس المحيط للفيروز آبادي (ص:1025).
(20) التلخيص في معرفة أسماء الأشياء (ص:309).
(21) قال الأزهري في تهذيب اللغة (4/262): "ويُقال: للتمرة الشديدة الحَلاوة: هي أَحْمَتُ حلاوةً من هذه أي أشدُّ حلاوة".
(22) تهذيب اللغة (14/22).
(23) في تاج العروس (18/485): ويُقال: هي بهجر.
(24) معجم البلدان للحموي (4/251).
(25) ينظر: تاج العروس (24/17), زهر الأكم في الأمثال والحكم لليوسي (3/252).
(26) العين (7/111).
(27) تهذيب اللغة (12/115), وينظر: الصحاح للجوهري (4/1385).
(28) مقاييس اللغة (3/344).
(29) التلخيص في معرفة أسماء الأشياء (ص:309).
(30) الصحاح (4/1385), مقاييس اللغة (3/344).
(31) الصحاح (4/1385), تاج العروس (24/17).
(32) تاج العروس (24/17).
(33) ينظر أيضا:
يتم تداول أسماء تمور الأحساء منذ القدم بروايتها شفاهيا، وغالب الناس في الأحساء يعرفون تلك التمور ويعرفون التمايز والفرق بين كل نوع، ولكن مع الأيام -وهذا طبيعي- يتم تناسي بعضها، خصوصاً إذا فني الرجال الكبار والفلاحون المهرة الذين يعدون هم الحفاظ لهذه المكانز من التراث الثقافي الفلاحي في المنطقة. لقد أهداني الراوي والباحث الأستاذ سلمان الكرود رحمه الله وثيقة دوَّن عليها أسماء تمور الأحساء، وقد بلغت ستين نوعاً، وهي كما في هذا الأنفوجرافيك:
وفي هذا السياق يجدر بالباحثين رصد كافة أسماء التمور الأحسائية في معجم مصور متخصص، يتم فيه التعريف بها من النواحي اللغوية، وما ورد فيها من سياقات ثقافية وقصص شفاهية، وما هي أسباب تلك الأسماء، وما ورد فيها من خرافات وأساطير ما زال بعضها حياً في الذاكرة الجمعية للمجتمع الأحسائي. وهذا النوع من البحوث جديد وهو مهم لإثراء التراث الثقافي بالتدوين والشرح والنشر.
نخلة الأحساء كريمة معطاءة، لم تظل في واحة الأحساء فحسب، بل هاجرت إلى مختلف مناطق الجزيرة العربية وخارجها منذ القديم وحتى العصر الحديث، فقد كان الكنعانيون الذين سكنوا الأحساء قديماً ينقلون فسائل النخيل معهم أينما ارتحلوا، وكذلك العديد من القبائل التي تسكن الأحساء وتهاجر منها تحمل معها فسائل من أجود أنواع النخيل لغرسها في البلاد التي هاجروا إليها، ولقد رويت لي قصص عديدة عن حالات ونماذج من الناس الذين حملوا فسائل النخل وطرق عنايتهم بها حتى لا تجف أو تتلف أثناء السفر والهجرة لخارج الأحساء. وهذا مبحث كبير يطول وصفه، ولكن على سبيل التمثيل فقد وجه شيخ من شيوخ آل خليفة في دولة البحرين عام 1357هـ الموافق 1938م، رسالة خاصة يطلب فيها فسائل من أجود أنواع نخيل الأحساء، ونص الرسالة:
"من حمد ابن عيسى الخليفة، إلى جناب الأجل الأمجد الأفخم حميد المكارم والشيم الأخ المكرم: حسن العبد العزيز المحترم، حفظه الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام. ثم نعرف جنابكم إن شاء الله تكتبون لنا على سبعمائة فسيلة من الأحساء: مجناز وطيار وخلاص ومدلل وحليلي وام رحيم وشهل. المطلب أن يكون من كل صنف مئة إذا ما يشق عليكم، وإذا يعسر عليكم فالمطلب المذكور أعلاه، وتحرصون على السرعة خشية من فوات الوقت، والفسيل (....) وتجرون مصروفه على حسابنا، ولكم جزيل الشكر. هذا ما لزم بيانه. والله يحفظكم. حرر في 8 ذي الحجة 1357هـ".
والرسالة السابقة تعد وثيقة مهمة على أن نخيل الأحساء لها شهرة وطلب كبير لدى شيوخ وحكام وتجار منطقة الخليج العربي قاطبة، وبحسب سؤال العارفين والمختصين عن إمكانية نجاح فسائل نخيل الأحساء وإثمارها، فكان الجواب أنها تثمر وتنتج، وكذلك اشتهرت كثير من الفسائل الحساوية التي زرعت في مناطق مختلفة من المملكة العربية السعودية فجادت بأعذب التمر وأحسنه.
للنخلة في الأحساء دورها المهم في تأسيس ذاكرة للتراث الثقافي المادي وغير المادي على مدى تاريخها الطويل، والمتتبع لعناصر التراث الثقافي للنخلة سيجد ذلك التنوع ما بين عدد من الموضوعات التي أفرزتها الذاكرة الشعبية للنخلة، وكان عامل الإنتاج الثقافي هو التأثر والتأثير فيما بين النخلة ذلك الكائن النباتي، والإنسان الحساوي بوصفه كائنا بشرياً تكيف وتفاعل مع هذه النبتة، فكلاهما ساهم في إنتاج ثقافة شفاهية لا يستهان بها في الأدب الشعبي في الجزيرة العربية والخليج العربي، وقلما تجد كتابات تسهم في رصد وتتبع هذه التوليفة الأنثربولوجية ما بين النباتي والإنساني في واحة الأحساء.
كان الأحسائيون بوجه عام، والفلاحون بوجه خاص يدركون العلاقة القوية التي تربطهم بالنخلة، فهي بالنسبة لهم الأم تارة، والعمة تارة أخرى، وكانوا مدركين لعناصر التشابه والعلاقة المتطابقة تطابقا تاما بين وجود الإنسان ووجود النخلة، وحالهم في هذا حال كثير من البشر الذين عاشوا في أماكن سكناهم وكانت النخلة جزءا من أجزاء حياتهم النباتية. يذكر ابن وحشية في كتابه عن وجه الشبه بين الإنسان والنخلة:
<div><table><span id="docs-internal-guid-df7ba6cd-7fff-fb44-6d1d-a975844ec99b"><div dir="rtl" align="left"></div></span><colgroup><col width="62"><col width="533"></colgroup><tbody><tr><td><p dir="rtl"><span>1</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>في التغيير والتلون</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>2</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>العمر ومدة البقاء</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>3</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>في الذكورة والأنوثة</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>4</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>في رائحة الطلع كرائحة الفحولة</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>5</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>في ولادة وإنتاج الأبكار والثواني والثوالث والروابع</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>6</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>الانشغال في فترة الحمل بالحمل عن انتاج الفسيل</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>7</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>فضل الإنسان بالعقل وبما ارتفع منه كالرأس والدماغ، والنخلة لبها وجمارها وإنتاجها في أعلاها</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>8</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>الموت إما فجأة أو بسبب مرض أو موتا طبيعيا من غير مرض</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>9</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>الموت من شدة الحر أو شدة البرد</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>10</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة الحامل تشبه المرأة الحامل تكون خفيفة ثم تثقل مع كبر الحمل حتى الولادة/الجني</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>11</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة إذا سمنت جمارتها امتنعت عن الحمل، والمرأة إذا سمنت صارت عقيماً</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>12</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة إذا ضعفت وهزلت لم تحمل وكذلك المرأة</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>13</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة تحمل من ذكر النخل الفحال، والمرأة تحمل من مني الرجل</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>14</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة تعشق وتهوى وكذلك العشق والهوى في الرجال والنساء</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>15</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>تطيب النخلة المريضة بالعلاج وكذلك الإنسان</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>16</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة تفزع وترتعد وكذلك الإنسان</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>17</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة تتأثر بالكلام الطيب أو الكلام الجارح وكذلك الإنسان</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>18</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة تمل من الماء الواحد والزبل الواحد وتحتاج إلى التنويع، وكذلك الإنسان يحتاج للتنويع في الطعام</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>19</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة تحتاج للملوحة وتنزع لها، وكذلك الإنسان فصلاح غذائه كله بالملح</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>20</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>النخلة تعالج بالنار (حرق السعف اليابس والكرب) والإنسان يعالج بالكي بالنار</span></p></td></tr><tr><td><br></td><td><p dir="rtl"><span>ابن وحشية. الفلاحة النبطية. ص 1358-1371</span></p></td></tr></tbody></table></div>
إن الوعي بصفات التشابه والتماثل بين النخلة والإنسان في المجتمع الأحسائي القديم، ساهم أيضا في بروز عدد من الممارسات الأدائية والقولية أثناء العمل، وهذه الممارسات هي طقوس الأداء أثناء المواسم؛ ومواسم الصرام للنخيل، وكذلك ممارسات وطقوس الري والسقي وخصوصا في عملية سقي النخيل والمزروعات من خلال (الصّدر)، ولنمثل على بعض الممارسات الأدائية للفلاحين في علاقتهم بالعمل في رعاية النخيل:
أثناء عملية الصدر، يقوم الفلاح الذي يصدر بالوقوف على ممشى خاص يسمى الموقفه، وأثناء مشيه وقد تكون في يده عصا، ويلبس لباسا خاصا لهذه العملية من العمل يسمى (المقصر) وأثناء حركة البهائم (الحمير) في سحب الغروب الممتلئة بالماء من العين والعودة مرة أخرى لنفس مكان البداية يقوم الفلاح بترديد أهازيج ومواوويل بصوته الجميل، فتأنس روحه أثناء العمل، وتأنس البهائم كذلك، ويأنس كل من يسمع صوت الفلاح الذي يرفع نهماته ومواويله، ويظل تكرار هذا العمل بحسب مساحة الأرض الزراعية واتساعها حتى ترتوي النخيل، وهذا الفلاح يؤدي طقسا فلاحيا طبيعيا الهدف منه التسلية واستغلال الوقت. وقد عرفت الأحساء عدداً كبيرا من الفلاحين الذين مارسوا مهنة الصّدر ولهم أصوات جميلة يؤدون من خلالها فنون الصّدر وهي ما عُرف في الأحساء بالفن، أو الخمّاري، وهو أنواع منه ما ارتبط بالزراعة، ومنه ما ارتبط بالبنيان، ومنه ما ارتبط بأهازيج وأغاني الأعراس التي تؤديها الفرق النسائية في ذلك الوقت. ومن الأهازيج التي يردده الفلاح أثناء الصدر قول الشاعر:
يازارع المشموم فوق السطوحي لاتزرعه ياشيخ عذبت روحي
كل على سطحه يدور البرادي وانا المحال تصرصر على افادي
وينشد أيضا:
حمارة العرجه غربش عن غربين وخيط الصوف ما تقطعينه
ويقول أيضاً:
ياعلي صحت بالصوت الرفيع يامره لاتذبين الجناع
ومن الممارسات أيضا ما يقوم به الفلاحون أثناء موسم صرام النخيل، وكان يجتمع مجموعة من الفلاحين حول نخلة من النخلات في الأسفل، ويصعد فلاح واحد ليصرم عذق التمر، وأثناء قطعه للعذوق يرفع صوته ببعض التهاليل والأذكار تارة، والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم تارة، وببعض المواويل تارة أخرى، وفي مكان آخر من المزرعة تلتف مجموعة أخرى من الفلاحين أيضا حول نخلة، وهناك من يصعد عليها، ويعمل نفس ما عمله الفلاح الآخر، وربما اجتمع أربعة أو خمسة من الفلاحين في وقت واحد وهم فوق النخيل، يرفعون الصوت بأداء تهاليل وأذكار ومواوويل، وكلما انتهى واحد منهم من مقامه الصوتي، بدأ الفلاح الثاني بمقامه أيضا وتهاليه، وهكذا وكأنهم في كرنفال/أو مهرجان احتفالي فيه امتنان وشكر لله تعالى أن بلَّغهم هذا الموسم ليجنوا أطايب التمر والثمر. كما أن للفلاحين وأرباب العمل في النخيل أسلوبهم الخاص في صعود النخلة، وكانوا يصعدون عليها وهم في غاية الهدوء والذرابة كما قال بذلك الفلاح الأحسائي مسلم البراهيم.
وهذا كما سبق ذكره لأن الفلاح الحساوي مدرك وواع بأنه يتعامل مع النخلة بوصفها كائنا له إحساس وشعور والنخلة تتأثر بكل شيء. بل ربما ماتت النخلة بموت صاحبها. ومما يذكره الناس وخصوصا الفلاحين ما يدور بين الفلاح والنخلة من حوار، فهي تحس به وتفهم مراده وتعرف ما يريده منها. وهناك كثير من القصص والحكايات في الحوار والحديث بين النخلة والفلاح، وقد أوردها كثير من مدوني التراث العربي في كتب النخيل القديمة، وإليك أخي القارئ بعضاً من الحكايات الشفهية التي تم تدوينها من خلال مرويات كبار السن في الأحساء:
حكاية شفهية رقم (1):
أنهى أعمال النخل (البستان) وجمع أدوات العمل، ووضعها في حجرة مبنية من الطين، ومسقوفة من سعف النخيل و جذوعها، و خلع ثيابه، و انغمس بكامل جسده في بركة صغيرة لا سقف لها، و بعد دقائق خرج و لبس ثيابه النظيفة التي جاء بها من بيته، و حمل معه مما أنعم الله عليه من خيرات هذه الأرض الطيبة، و أثناء خروجه من النخل، و قف و التفت إليه، و هو يشعر بالتعب في جسده، التفت نحو النخل مخاطباً إياه:
أيها النخل:
ـ الفلاح: لن أسقيك غداً، فقد تعبت.
ـ النخل: لا تسقني!.
ـ الفلاح: لن أعتني بك و أنظف أرضك.
ـ النخل: لا تنظف أرضي!.
ـ الفلاح: طالما لن أسقيك و لن أنظف أرضك، إذاً لن آتي لك غداً!.
ـ النخل: إلا هذا أيها الفلاح، فأنا سأموت إن لم تزرني.
هذه الحكاية سمعتها من أحد الفلاحين، و هم يتداولونها فيما بينهم، و في مجالسهم، و يتناقلها جيل بعد جيل.
فعلاقة ابن الأرض بأرضه علاقة جسدية و روحية، فالفلاح إذا دخل بستانه، لا يهدأ أبداً، فيتعامل مع الأرض كرحم للخصب، وإنتاج الثمر!.
حكاية شفهية رقم (2):
ويتناقل الفلاحون حكاية أخرى تحمل بين خباياها رسائل مهمة، و منها العناية بالنخلة باعتبارها مصدر الأمن الغذائي لهم.
يحكى أن أحد الفلاحين خرج في الصباح الباكر، متجهاً لحصاد الرطب، و فعلاً حصد ما يمكن حصاده، وذهب به للسوق لبيعه، و فرح عندما رأى الإقبال عليه وذلك لوفرة الإنتاج و جودته، فجمع المال الوفير، ورجع عند الظهر مع اشتداد حرارة الشمس ولهيبها، طامعاً في المزيد، فصعد كعادته فوق النخلة، و بدأ بخرف ( قطف ) الرطب، وفي هذه الأثناء، سمع صوتاً يخرج من النخلة يقول: ( انزل وروح بيتك لا أطيحك )!. في هذه الحكاية رسالة، مفادها( لا تقطف الرطب وقت اشتداد حرارة الشمس، فيعيب الرطب و يفسد).
هكذا كان يتعامل الفلاح مع النخلة، فهو يتعامل معها كشيء مقدس، لا يجب التهاون فيه أو معه.
حكاية شفهية رقم (3):
حكاية أخرى يرويها كبار السن عن النخلة للأجيال القادمة:
كان الفلاح يعتني بنخله و يسقيه و يمده بكل ما يحتاج من عناصر، ليساعد على نموه و جودة ثمره، إلا أن الفلاح يرى ثمار نخيل جاره أجود و أوفر و أكبر من ثماره! فعاد الفلاح لنخله وهو حزين، و بدأ يخاطب النخل و يعاتبه:
لماذا أعتني بك و أسقيك وأنت لا تعطيني كما يعطي النخل جاري؟!
فأجابته إحدى النخلات: ( ابعد أختي عني و أعطيك حملها ).
بإشارة منها بأن النخلة تحتاج لمساحة كافية كي تنمو بطريقة سليمة و تأخذ من عناصر الشمس و الهواء و الأرض ما يكفيها كي تنمو بطريقة جيدة.
هذه الحكايات التي صاغها الفلاحون، شكلت الفكر الأساسي لأبناء الأحساء، وبينت أهميتها في حياتهم، وما هو الدور المطلوب منهم اتجاهها.
تعتبر الأمثال الشعبية أحد أنماط الأدب الشعبي الذي عرفت به الأحساء منذ القدم، وامتازت الأمثال الحساوية بالغنى وبالتنوع بشكل عام، وبأمثال النخلة بوجه خاص، وهي كاشفة عن ثقافة المجتمع ووعيه وأنماط تفكيره وتراكمه المعرفي، وما يحمله من دلالات اجتماعية وكذلك أثر وجود النخلة وتجذرها في الوعي والذهنية وتجربة الحياة لدى المجتمع الأحسائي. وكان للنخلة في هذا التراث رمزية عالية صحبته منذ فجر التاريخ حتى عصرنا الحالي، وكان للنخلة حضور بارز في الأمثال الشعبية، وفي مفردات اللهجة المحكية الجميلة ذات الطابع السهل السلس الذي لا تكلف فيه، واشتغلت الذهنية الحساوية/ذهنية الأدب الشعبي الطبيعي بحرفية في توظيف الأمثال وصياغتها صياغة مكتفة دالة على العديد من الدلالات الثقافية والاجتماعية.
وهذه نبذة عن أشهر الأمثال الشعبية المتداولة في الأحساء والمتعلقة بالنخلة:
يضرب المثل في اخذ ما تحتاج من الشيء والتخلص من الباقي.
يضرب المثل في حالة الاختيار بين أمرين يكون أحدهما عامر لا يحتاج إلى كلفة إضافية بينما الآخر يحتاج لها نتيجة للدمار الذي حل به وتكون النصيحة بأخذ ما هو عامر وتجنب ما يحتاج إلى إعادة إعمار.
المرحلة هي سلة تصنع من خوص النخيل لنقل التمر والعروة هي مقابض الرفع والحمل فيها وتصنع من ألياف النخيل. والمثل يضرب لمن يريد أن يجتزئ شيئاً لأخذه وترك الباقي فينصح بأخذ الكل.
الجذب هو جمارة النخيل والوصيلي أحد أنواع النخيل يشتهر بحلاوة جمارته والمثل يضرب في حسن الاختيار ومعرفة الشيء المناسب للمهمة.
الطعام هو نوى التمر ويضرب المثل لمن يقوم بعمل دون التنبه بأن الناس تتابعه وتعرف كل ما قام به كمن يأكل التمر فيمكن حصر ما أكله عن طريق عد الطعام.
تعتبر النخلة في وجدان الأحسائين أم الخير وهذا المثل يضرب في الإكثار من الخير كمن يزرع النخيل في كل مكان يمر فيه.
الوصيلي نوع من النخيل يعتبر من أقل التمور جودة ويتميز بلون تمره الأسود والمثل يضرب في تأكيد السواد سواء أكان مادياً أو معنوياً.
القفص صندوق يصنع من سموط النخيل ويوضع فيه الرطب وهو أحد مراحل نضج التمرة وتسبقها مرحلة الخلال. والمثل يضرب لمن يقوم بمهمة كبيرة ولكنه يعجز في الأخير من المتبقي اليسير جدا فيها وينطق بلغة استنكارية للحث على إنهاء العمل.
القلاف هو الجزء المتبقي بعد قطع الكرب وهو ما ينمو على جذع النخلة أما الكاروب فهو ما ينمو خلال جذع النخلة ولا يصلح للزرع والفسيلة النخلة الصغيرة تنمو عند جذر النخلة ويتم فصلها وإعادة غرسها، والقيقانة هي غلاف الطلع بعد أن يجف والمصيعة هي الجزء المتبقي من عسق الجذع. وتضرب هذه الأمثال فيمن لا يعرف الحقيقة ومع ذلك يحاجج فيها.
القرعان جمع أقرع وهو من ليس في رأسه شعر والنتفة هي القطعة الصغيرة والعصيدة هي طبخة أحسائية من أهم مكوناتها التمر وطحين البر.
المثل يضرب عندما يجتمع مجموعة كبيرة للقيام بعمل صغير دلالة على عدم الكفاءة.
التليل هو القطعة السفلية من سعف النخيل وتكون خفيفة وإذا وضعت في الماء فإنها تطفو وتتقلب. ويضرب المثل فيمن يتقلب في رأيه ومواقفه.
الرزيز أحد أنواع النخيل والسفسيف هو تمر الرزيز حيث ينظف ويوضع عليه الدبس (عسل التمر) والبهارات والسمسم ولا يصنع السفسيف الا من هذا التمر. والمثل يضرب في الاستخدام الصحيح للشيء.
الإخلاص هو أجود أنواع التمور على الاطلاق والمثل ضرب في اختيار الأفضل وأحيانا يستخدم المثل (هذا تمر خلاص) دلالة على تفضيله وتميزه.
التمر الجوال هو التمر اليابس الذي لا يؤكل ولا قيمة له ويضرب المثل فيما لا فائدة منه ولا قيمة له.
الصرام هو موسم حصاد التمر ويضرب المثل في حال قرب الموعد المنتظر وعادة يكون ذلك الموعد بشارة فرح.
الحاتمي نوع من النخيل يمتاز بقوة جذعه والمثل يضرب في القوة والمتانة للشيء.
السنداس هو بيت الخلاء وتستخدم جذوع النخيل في التسقيف كما تستخدم في بيت الخلاء وهنا تباين بين القداسة والتدنيس ويضرب المثل في إظهار حجم التباين بين شيئين رغم أن أصلهما واحد.
أحد استخدامات جذوع النخيل هو الجسور بين الضفتين وتستخدم للعبور ويضرب المثل في الشيء الذي يستخدم كوسيلة لغاية أخرى.
الجصة هي مخزن حفظ التمور في البيت وعادة يكون لها باب واحد ووجود البابين دلالة للكرم والسعة ويضرب المثل في الكرم.
الجمز هو الجزء السفلي من طلع النخيل والهراة هي الطلع قبل نضجه والمثل يضرب في البحث عن الشيء في موطنه.
الجوال هو التمر اليابس ومن الطبيعي انهما لا تلتصقان والمثل يضرب في عدم التصلب في الرأي وأن الحلول ممكنة متى ما كان التنازل ممكنا.
الحفان هو جمع التمر بكلتا اليدين بسرعة ودون تدقيق ويضرب المثل في أخذ الشيء برمته دون التدقيق فيه.
للنخلة في الشعر الأحسائي حضورها المميز، فقد كتب الشعراء الأحسائيون عن النخلة من مختلف أجيالهم الشعرية القديمة والحديثة، ومنذ عصور ما قبل الإسلام والشعراء يكتبون الشعر ويذكرون النخلة في سياقات متعددة ومختلفة، ففي العصر الجاهلي نجد الشاعر طرفة بن العبد، وفي العصر الوسيط نجد الشاعر علي بن المقرب العيوني، وهما من كبار شعراء اللغة العربية في الجزالة والوصف والتركيب وتعددية الأحداث التي مرت عليهم وجعلت من تجاربهم الشعرية وسيلة نضج وتفرد.
والشعر في الأحساء لا يختلف عن الشعر العربي على مدى التاريخ، بل هو صورة منه وامتداد جميل له، فقد نظر الشعراء منذ القدم للنخلة على أنها تمثل وجوداً إنسانيّاً، وتراثاً ثقافياً، وعُرفاً اجتماعيّاً متّصلاً بالإنسان في كلّ حالاته وانفعالاته، كقول امرئ القيس في معلّقتهِ المشهورة، وهو يشبّه الشَّعر الطويل التام الذي يزيّن ظهر المرأة إذا أرسلته عليه بقنو النخلة التي أخرجت قنواتها:
وفرعٍ يَزينُ المتْنَ أسودَ فاحمٍ أثيثٍ كقْنوِ النّخلةِ المُتَعَثْكِلِ (25)
ولمّا احتضر مسلم ابن الوليد نظر إلى نخلة فبثّ غربته واغترابه عن وطنه وأهله، وقال:
ألا يا نخلةً بالسف ح مِن أكنافِ جرجانِ
ألا إنّــــي وإيّــاكِ بجــرجـــــانَ غـــريبــــانِ (26)
وكقول صفيّ الدين الحلّي، حين وظّفَ مفردة النخيل ــ بصفتها ـــ مصدراً للوداد والحبّ والجَمال، فقال:
وينبتُ عندي نخيلُ الودادِ لأنّكَ عندي دفنتَ النّوى
فلا تنوِ غير فِعال الجميل فـــإنّ لكـــلّ امـــرئ مــا نوى (27)
وكقول بدر شاكر السيّاب في وصفه البليغ لعيني محبوبته -وعمق المعنى الناشئ عن الحالة والزمان والمكان-
كغابة النخيل في الليل، واختارَ وقت السحر تحديداً؛ ليسكبَ فيه عشقه، ويبثَّ فيه همّه، وتسكنَ فيه روحُه:
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السّحرْ أو شرفتانِ راح ينأى عنهما القمرْ (28)
لقد حضرت النخلة في الشعر في الأحساء في القديم والحديث من خلال سياقات مختلفة، وأساليب متعددة، فقد حضرت بوصفها (مفردةً) وبوصفها (جملةً شعريةً) وبوصفها (موضوعاً) متكاملاً عني الشعراء فيه بالوصف الدقيق حتى كأنك تراها رأي العين.
ولعل أهم ملامح حضور النخلة لدى شعراء الأحساء في التالي:
لقد شغلتْ النخلةُ حيّزاً كبيراً في الذاكرة الشعرية الأحسائيّة، بصفتها رمزاً لقيم إنسانيّة جميلة، ومعانٍ سامية رفيعة، كالعطاء والوفاء والتسامي والشموخ، وبصفتها ظلاًّ وارفاً يقي من يستظلها من لهيب شمس الصحراء، وهي أيضا النخلة الملهمة للشاعر بوصفها رمزاً للوجود والانتماء والهوية، وبوصفها رمزا أموميا، وبوصفها رمزا للخصوبة والعطاء، وبوصفها رمزا للعمل والكد والكفاح. وهي في الوقتِ نفسِه طعام سائغ، وملهمة، ومسلّيّة في الغربة، وطللٌ يبكيه الشاعر الأحسائي عند نزوح الأحباب. ولأنّ الإحسائيين مرتبطون بعلاقة وجدانية متميّزة بالنخلة فقد وجدنا أن النخلة شكلت الذهنية العامة الاجتماعية على مستوى النخبة والشعب، ووجدنا أن السياقات التي وردت فيها النخلة في الشعر هي كالتالي:
المطارحات الشعرية التي تجري بين الشعراء في قصائد عرفت بالإخوانيات، وهي أن يكتب شاعرٌ قصيدةً فتثير هذه القصيدة شاعراً آخر أو عدداً من الشعراء فيناقضوها وزنا وقافية، وتصير (النخلة) موضوع مطارحات شعرية تفرز معلومات وثقافة الشعراء عن النخلة الأحسائية. ومن مثل ذلك ما كتبه الشاعر عبد الرحمن بن أبي بكر الملا في قصيدته المشهورة التي ذكر فيها عدداً من أسماء ثمار النخيل وكأن هذه القصيدة تستدعي موضوعها لتكون توثيقا وتأريخا للنخلة من خلال الشعر:
خير البواكير في الأحساء غراءُ
ولونها يلفت الأنظار شهباءُ
إن أثمرت أجزلت والبر عادتها
تدر بالخير منها وهي سمحاءُ (29)
ومن الشعر الوصفي للنخيل ما كتبه الشاعر عبد الله بن علي العبد القادر حيث وصف النخلة وشبهها بالحسناء في الطول وتمايل الشعر. يقول:
كأن جموع النخل في عرصاتها
صفوف عذارى جملتها الغلائلُ
إذا روحت ريح الشمال رؤوسها
تميل كما مال المحب المواصلُ
فيا حبذا برد النسيم بظلها
وياحبذا ذاك النقا والمنازلُ
كما أن الشاعر عبد الله العبد القادر في موضع آخر في سياق الغزل فإنه يتغزل بالغانية/النخلة أو بالنخلة/الغانية مع ذكره لرطب الخلاص في مقارنة شعرية لا تخلو من طرافة وجمال. فيقول:
وغانية عصيت اللوم فيها
فما لي من هواها من مناصِ
فكم أجني لذيذاً من جناها
أحبَّ إليّ من من رطب الخلاصِ (30)
بعض الشعراء الأحسائيين الذين كتبوا في النخلة (أنفوجرافيك):
<div><table><span id="docs-internal-guid-04d5d215-7fff-c32c-19ae-167ac82d29f0"><div dir="rtl" align="left"></div></span><colgroup><col width="236"></colgroup><tbody><tr><td><p dir="rtl"><span>طرفة بن العبد</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>علي بن المقرب العيوني</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عبد الله بن علي العبد القادر</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عبد العزيز بن حمد المبارك</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>يوسف بوسعد</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>محمد بن عبد الله المبارك</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>غازي القصيبي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>إبراهيم بن عبد المحسن العبد القادر</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عبد الرحمن بن أبي بكر الملا</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>سعد البراهيم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>جاسم الصحيح</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عبد اللطيف الوحيمد</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عبد الله الخضير</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>حسن الربيح</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عبد الله الملا</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>أحمد العمير</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>سامي القاسم</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>جاسم عساكر</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>راشد القناص</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>عبد اللطيف الفضلي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>صلاح بن هندي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>محمد الجلواح</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>ناجي الحرز</span></p></td></tr></tbody></table></div>
مشروع الري والصرف:
اعتنى الشعر الغنائي في الأحساء بجمال الطبيعة، ومنها النخيل، كما اعتننت الأغنية الشعبية بمشاريع التنمية الخاصة بمزارع النخيل، ومنها مشروع الري والصرف الذي تم إنشاؤه عام 1392هـ 1972م في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، وهو مشروع ضخم لري وسقي كافة نخيل الأحساء تحت إشراف ورعاية من وزارة الزراعة.
وقد كتب الشاعر الكبير: محمد بن سعد الجنوبي قصائد غنائية عن مشروع الري، وتغنى بها فنانون كبار أمثال: مطلق دخيل، عيسى الأحسائي، طاهر الأحسائي. وقد سجلت تلك القصائد على أسطوانات لدى شركة خليفة فون (خليفة العبندي) وذلك في الفترة الذهبية في تاريخ الفن الشعبي قبل زمن أشرطة الكاسيت.
وقد اتسمت قصائد الشاعر محمد الجنوبي في مشروع الري والصرف بأنها:
أسطوانة: إن كنت مسافر ياخي
كلمات: محمد الجنوبي
لحن وغناء: مطلق دخيل
إن كنت مسافر ياخي
اتمهل واسمع مني اشوي
إذا قصدك تتسلى
لايفوتك مشروع الري
أسطوانة: ياسايح خل البلدان
كلمات: محمد الجنوبي
لحن وغناء: عيسى الأحسائي
ياسايح خل البلدان
لاتظل فيها هيمان
اقصد زور بلادنا شوف
مشروع الري الفتان
التمر الحساوي
في شهر أكتوبر من عام 2016 اجتمع أعلام الفن الشعبي في الأحساء وهما الأستاذان: عبدالله العماني مؤسس شركة هجر فون، ومطلق دخيل، حيث كتب العماني أبياتا جميلة يتغزل فيها بتمر الأحساء، ثم لحنها وغناها الفنان: مطلق دخيل، وتم إنتاج الأغنية/الفيديو كليب بإشراف ورعاية الملحن د. إبراهيم بن مطلق دخيل، وحظيت الأغنية بنجاح كبير في الأحساء والمملكة والخليج العربي، الأغنية بمقدار ما فيها من غزل لطيف، وتعداد لبعض أسماء التمور (الخلاص- الشيشي- الهلالي) إلا أن الشجن واللحن العذب جعل منها أغنية عاطفية نحو الأرض/نحو النخيل نحو كل ما هو جميل في واحة الأحساء. تقول كلمات الأغنية:
تمرك حلو يالحسا
ماحلى تلاوينه
من ذاق طعمه ما نسى
لو طالت اسنينه
إنت الوفا ياديرتي
والخير تعطينه
شموخ نخلك ذا علم
زاهي بساتينه
الخلاص بلون الذهب
والشيشي يازينه
الله يالهلالي عجب
كاللولو جانينه
لام النبي اعطيتي الرطب
بالحب ترعينه
كدادك يا أرض النعم
يرعاك بيدينه
هذي الجداول عزوتي
بمشي على اخطاها
زرع المحبه مهنتي
والارض برعاها
وعلى هذا، فقد رأينا كيف أبدع الشعراء والفنانون الأحسائيون في صياغة ملحمة فنية/ثقافية عن أمهم النخلة، ولربما يطول الحديث حول هذا المبحث الذي يحتاج لعدد من أوراق العمل التي ننتظرها من شباب وشابات واحة الأحساء في العديد من منتجاتهم الإبداعية والعلمية.
(1) تم رصد المعلومات من عدد من الرواة في الأحساء وهم: (مطلق بن دخيل العويس، وعلي معتوق البراهيم).
(2) تم رصد وتدوين هذه الحكايات الشفهية من قبل الأستاذ والفنان التشكيلي: أحمد العيسى.
(3) الشايب، عبد الله بن عبد المحسن. قاموس الأمثال والكلمات السائرة في الأحساء. المجلد الأول، ص16، مطبعة الأحساء الحديثة، ط1 (1421هـ - 2000م).
(4) المغلوث، فهد حمد أحمد المغلوث. الأمثال الشعبية في الأحساء. ص17. مطابع التقنية للأوفست، ط2 (1419 هـ - 1999م).
(5) الشايب، عبد الله بن عبد المحسن. النخلة مدخل من خلال الأمثال في الأحساء. ص10. مطابع الحسيني، ط1(1425هـ- 2004م).
(6) قاموس الأمثال. السابق. ص18.
(7) الرمضان، محمد حسين الشيخ علي. أمثال وأقوال من عامية الأحساء. ص169. جواثا للنشر، بيروت، ط4 (1437 هـ - 2016م).
(8) قاموس الأمثال. السابق. ص23.
(9) قاموس الأمثال. السابق. ص25.
(10) النخلة مدخل. السابق. ص12.
(11) النخلة مدخل. السابق. ص13.
(12) الأمثال الشعبية. السابق. ص63.
(13) قاموس الأمثال. السابق. ص71.
(14) النخلة مدخل. السابق. ص17.
(15) النخلة مدخل. السابق. ص18.
(16) قاموس الأمثال. السابق. ص72.
(17) قاموس الأمثال. السابق. ص77.
(18) النخلة مدخل. ص20.
(19) النخلة مدخل. ص21.
(20) الأمثال الشعبية. السابق. ص78.
(21) النخلة مدخل. السابق. ص22.
(22) قاموس الأمثال. السابق. ص81.
(23) أمثال وأقوال. السابق. ص248.
(24) النخلة مدخل. السابق. ص25.
(25) القيس، ديوان امرئ القيس. سلسلة ذخائر العرب 24، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط5، دار المعارف، القاهرة، ج م ع، ص16.
(26) الأنصاري، مسلم بن الوليد. شرح ديوان صريع الغواني. عني بتحقيقه والتعليق عليه الدكتور سامي الدهان عضو المجمع العلمي بدمشق، سلسلة ذخائر العرب 26 ، ط3، دار المعارف، القاهرة ، ج م ع ، ص343.
(27) الحلي، صفي الدين. ديوان صفي الدين الحلي. ص 569. دار صادر. بيروت.
(28) السياب، بدر شاكر. ديوان بدر شاكر السياب. ص 474. دار العودة. بيروت.
(29) الملا، عبدالرحمن. روضة الأزهار في متنوعات الأشعار " ديوان شعر". جمع: مراد بن عبد الله الملا. ط1. 2013 ص297.
(30) الشباط، عبدالله. النخلة في الشعر الأحسائي. مقال في المجلة العربية العدد 302 السنة 1414هـ.
(مبحث تحليلي للصور والأشكال المرفقة) (1)
تعد النخلة للأحسائين مصدراً تراثياً كبيراً للصناعات الشعبية والثقافة, فتجدها حاضرة في وجدان الشعراء, والأمثال الشعبية ومن ذلك: (الطول طول النخلة والعقل عقل الصخلة) ويراد به تشبيه الرجل الضخم الطويل الذي لا رأي له, بالنخلة إلا أن عقله كالبهيمة.ومنها: (أم السعف والليف) ويقال للتخويف بإعطاء النخلة صورة خيالية فوجود السعف الكثيف والليف الخشن للنخلة مدعاة للخوف.
والنخلة وما تنتجه من ثمر وخامات لصيقة بالأحسائيين منذ الولادة حتى الممات, فالطفل (يحنك) بالتمر أي يعطى التمر ممزوجًا بالماء. وكذلك المرأة الحامل تأكل التمر أو الرطب تأسيا بالسيدة مريم (عليها السلام). ويستخدم (المنز) للطفل وهو مصنوع من جريد النخلة بمثابة سرير, وإذا كبر الطفل يأكل على السفرة ويجلس على الحصير, وكلها مصنوعة من سعف النخيل, وتحفظ أغراض المنزل في (القفة) وإذا صار شاباً تعامل مع النخلة أكثر في الرؤية البصرية أو بالفلاحة, وفي زواجه يقدم له أكل مرتبط بالنخلة, فعلى سبيل المثال (الممروس) أكلة شعبية متوارثة تقدم للعروس ليلة الزواج والتمر أساس في تكوينها مع الدقيق، والنخلة في الذاكرة طوال العام فثمر النخلة يؤكل باستمرار, ففي فصل الصيف يؤكل في بدايته عندما يكون أخضر, وبعد ذلك أصفر, ثم يصبح رطباً, ويسلق الرطب بالماء الحار ويجفف ويسمى (سلوق)، ويترك الرطب في النخلة ليتحول إلى تمر.
ويأخذ من النخلة أيضاً الجذب وهو قلب النخلة ويؤكل لما له من مذاق طيب, وتجد النخلة وما ينتج منها خامات في حياة الأحسائيين, حتى شوك النخلة يستخدم قديماً في المتابعة لقراءة القرآن الكريم أثناء تعليم الأطفال, وتستخدمه النساء لتفريق الشعر. فالنخلة محط اهتمام للأحسائيين، من هنا كان إدخالها في الزخارف الشعبية أمر تفرضه البيئة لكثرتها, و لتأثر الفنان ببيئته, واستشعاره جمالها ,كل هذه معطيات جعلت الفنان الشعبي يدخل النخلة في إنتاجه, ويستلهم منها رموزه ووحداته الزخرفية.
وسيقوم الباحث بفك رموز وعناصر هذا الإنتاج وتحليله، لنرى صلتها بالنخلة وننظر إلى الدواعي التي أدت بالفنان الشعبي إلى أن يلجأ إلى النخلة وبنيتها كمصدر للفن الشعبي في محافظة الأحساء، وستكون هناك تحليلات مصداق لما ذكر وسنبدأ بالتالي:
التحليل الأول:
الأشياء المحيطة بنا فيها من الجمال والإبداع الكثير، تدل دلالة قاطعة على قدرة الخالق , والقليل من يدرك ويتمعن ويتدبر في هذه المخلوقات, ولذا وجه الله في كتابه الكريم بالتدبر كقوله تعالى : أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ الغاشية17 . وقوله : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ السجدة27 .
والفنان الشعبي أثبت انه يملك قدرة الإدراك والتأمل, فقد نظر للنخلة بزوايا مختلفة غير الرؤية المألوفة واستلهم بإدراكه و برؤيته للنخلة المتعددة زخارف تبعاً لمجال رؤيته كالتالي:
أولاً: نظرة عين الطائر
لم يقتصر الفنان رؤيته للنخلة في النظرة العادية المألوفة بمستوى نظره الاعتيادي, بل جعل رؤيته وخياله أكثر بعداً, بنظرته للنخلة من أعلى, بحيث تبدو الرؤية البصرية للنخلة من أسفل الناظر لتكون سعفات النخلة أشبه بالقبة شكل(1) وهي ما تسمى بنظرة عين الطائر, وهي نظرة عاموديه للأشياء من أعلى.
هذه النظرة تدل على ما يتمتع به الفنان من حس مرهف وقدرة فائقة للإدراك, ويرى من هذه الزاوية هيئة جديدة للنخلة لم تكن مألوفة من قبل, وتوظيف هذه الرؤية وهذه الزاوية في زخارفه الفنية (المقببة) التي تماثل في هيئتها شكل القبة شكل (2) تبعا لرؤيته واستلهامه, وحتى يؤكد الفنان الرؤية البصرية لقمة النخلة, ويعطي الإحساس بالبعد نراه يعمل القمة بالبعد, إذ تنتشر السعفات من نقطة نزولاً بارتفاع ملحوظ كما في المثال التالي:
شكل(1) النخلة كما تبدو من زاوية عين الطائر . شكل(2) وحدة زخرفية مقببة مستلهمة من تكوين قمة النخلة كما تبدو من أعلى.
التحليل الثاني:
استلهم الفنان من النخلة جمال شكلها العام ووظفه في زخارفه الخشبية في الأبواب بعد أن أدخل على الزخارف تعديلات تخدم الموضوع ليبقى شكل النخلة واضحاً وفي نفس الوقت متداخلاً مع بقية الوحدات الزخرفية بالباب شكل (1), وأحياناً يأخذ شكل وهيئة النخلة ويوظفه أيضاً في وحداته كما هو الحال في شكل (2) فتجد شكل النخلة العام ماثلا في أعلى الزخارف الجصية في واجهة المنزل.وأيضاً تجد مثل هذه الوحدة تقريباً عند بوابة قصر السراج وهو مقر إمارة الأحساء شكل (3).
شكل (1)النخلة تبدو واضحة المعالم في الوحدة الزخرفية.
شكل(2) حور الفنان شكل النخلة ووظفه في زخارفه الجصية.
شكل (3) قصر السراج يلاحظ فيه
شكل النخلة أعلى البوابة وبتصرف في شكلها من الفنان.
التحليل الثالث:
الفنان الشعبي نظر للنخلة و أدركها كلياً واستفاد من التكوين الجميل لنهايات السعف في قمة النخلة وما يشكله الخط الخارجي من بروز مكوناً خطاً نصف دائري متكسراً، و وظف هذه الرؤية البصرية لقمة النخلة بخطوطها نصف الكروية المتكسرة في شكل القوس أو ما يسمى بالأحساء (الكمر) الذي يماثل في خطوطه خطوط قمة النخلة في الأقواس المحدبة, وهذه الأقواس توجد بكثرة بالأحساء لدرجة تكاد تكون سمة بارزة للعقود الأحسائية شكل (1) فتجدها في قصر إبراهيم وهو موجود لوقتنا هذا وكذلك في قصر السراج وفي المساجد وأقواس المنازل.
الأحساء تمتاز بأقواسها المستلهمة من الخطوط الخارجية للنخلة, فيه الجمال والتكوين الناجح من حيث النسب ودقة البروز والزخارف، الأمر الذي شجع أن تكون غالبية الأقواس بهذا النمط خاصة إذا كانت الأقواس في واجهة مبنى ويراد إظهاره بالمظهر البديع، كما في مبنى الحاكم الإداري بالأحساء (قصر السراج ) وإذا تأملت العقود المتراصة تتذكر النخيل المتجاورة المتساوية الأبعاد والأطوال كما في شكل (2). فقد أخذ الفنان بحل بسيط وهو تكرار القوس الوارد بالتحليل السابق كما يبينه الشكل التالي:
شكل(2) صورة السراج قبل إزالته نهائياً , وتشاهد الأقواس المستلهمة من الشكل الخارجي لقمة النخلة.
التحليل الرابع:
ومن النخلة وشكلها العلوي تحديداً استطاع الفنان أن ينتج حلولاً جميلة، بتوظيف ما ترسمه الخطوط للشكل الخارجي لقمة النخلة شكل (1) السابق المتمثلة بالأوراق بقمة النخلة وقد وظفه كما سبق في الأقواس, وأيضاً نراه يوظفه داخل المنزل وغرف المعيشة في جزء لحفظ الحاجيات يسمى (الروزنة) شكل (2).
شكل (2) تعددت استخدامات الشكل المستلهم من قمة النخلة ليشمل (الروزنة).
شكل(1) التطابق الواضح بين خطوط السعفة وخطوط الفنان.
شكل (2)خطوط الخوص استلهم منها الفنان زخارفه لتيزين بها ( الروزنة).
التحليل الخامس:
والرؤية البصرية للنخلة متجددة ويستطيع الناظر إليها أن يعاينها من زوايا متعددة، فمرة يستفيد منها من الشكل الخارجي وأخرى من التفاصيل الداخلية، أو من أجزائها، وكما ذكرنا فإن الفنان وظف الشكل الخارجي للنخلة لمدخل المنزل تيمناً للرزق والجمال، والآن نرى مثال آخر لتوظيف النخل في البوابة، و بتغير بسيط ليستلهم هذه المرة من جمال السعفات وانتشارها من مصدر واحد لتبدو كأنها شعاع ، ويجعل هذا الشعاع أعلى الباب وهو ما يسمى ب(الهلال), وعند التمعن في الرؤية تجد أن هذا الهلال وهو هيئة انتشار السعف مع الزخارف في خشم الباب يشبه إلى حد بعيد شكل النخلة وشكل (1) يوضح المقصود من تطور الرؤية البصرية وشكل (2) الشكل النهائي للباب والتوضيح للنخلة المستلهم منها.
شكل (1) نلاحظ التسلسل في طريقة استلهام الفنان لشكل لباب من النخلة وانتشار سعفها.
شكل (3) التوظيف الجميل من الحديد والذي يذكرنا بالشكل المستلهم من النخلة.
التحليل السادس:
النخلة التي يصل طولها في بعض الحالات إلى ثلاثين مترا و ما تتمتع به من جمال لافت للنظر, جعل الفنان يوظف شكلها في الجزء الأعلى للمنازل , ويؤكد عليها في زوايا المنزل بعد أن يقوم بتحويرها, وقد أطلق على هذه الزخارف اسم الحَمَامَات مفردة (حمامة) أو الحمائم شكل (1) ,لان الحمام عادة يوجد بالسطوح وفي السماء عند طيرانه.
شكل(1) الحمائم في أعلى المنزل بعد قام الفنان الشعبي بتحويرها.
تأثير النخلة على زخارف البشت:
لا يقتصر تأثير النخلة على الفنان الشعبي واستلهامه منها زخارفه في مجال العمارة التقليدية فقط, بل يمتد هذا التأثير إلى بقية الفنون الشعبية الأخرى فلو تتبعنا الحرف الشعبية لرأينا أمثلة تؤكد ما ذكر, فعلى سبيل المثال البشوت الأحسائية (المشالح) التي تعد من المهن الفنية الأصيلة بالأحساء, من خلال التحليل يلاحظ أن زخارفها التي تزينها مستلهمة من النخلة, وهي زخارف تُعمل بخيوط ذهبية وفضية تسمى (الزري) ليكسب المشلح الوجاهة والأبهة التي تليق بمرتديها, وكما هو معروف البشت هو اللباس الرسمي في المناسبات للرجال, والبشت يصنع من الصوف الخفيف لفصل الصيف ومن الوبر لفصل الشتاء ويزينه وحدات زخرفية تعمل باليد, وهذه الوحدات تعتبر تخصصاً للفنان فكل له اختصاصه في الوحدات المسندة إليه وهي:
أولاً: الكرمك
هو روح البشت يتكون من زخارف بخيوط ذهبية تُطعم بوحدات فضية و(الكرمك) يحيط بالرقبة ويسمى هذا الجزء (الظهر) نزولاً إلى الكتفين بشكل ח وتتحدد قيمة المشلح بجودة ودقة عمل (الكرمك), وعرضه فكلما كان عريضاً فمعنى ذلك أن العمل استغرق فيه وقت أطول وأخذ كمية خيوط ذهبية (زري) أكثر, وهذه الخيوط غالية الثمن لأنها تصنع من الذهب وتجلب الأنواع الممتازة منها من المانيا أو فرنسا, ويرى الباحث أن كلمة (كرمك) من (الكُرمُ) يقال :أَفعلُ ذلك وكُرماًلك , ونعم وحباً وكُرماً:أَي وأُكرِمُك, فكأنما أريد أن يقال إن هذا المشلح كرمك ووجاهتك والكرامة إرادة إلهية : وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً الإسراء70 , وكلمة (كرمك) تعنى كرم لك على غرار حرملك (المشربية) فوظيفة المشربية عدم النظر للحريم بداخل المنزل , وبذا يقال حرملك أي الحريم لك, ويتكون الكرمك شكل (1) من أجزاء هي:
1- الهيلة:
وحدة زخرفية تمثل مربعات متراصة تعمل بخيوط ذهبية و تطعم بخيوط فضية ثم تصقل (تبردخ), و(الهَل) الرقيق من الثياب والرقيق من الشعر , ويقال :(تهلل) الوجه فرحاً . وتهلل السحاب بالبرق: تلألأ وأشرق (1). والهيلة في سياق الزخرفة الشعبية هي أقرب إلى شكل المعين منها إلى المربع, وهذه الوحدات الزخرفية عريضة من جهة الرقبة (الظهر ) وأقل عرضاً جهة الكتفين يحيط بها وحدة زخرفية تسمى التركيب من الجهتين, وعند الملاحظة المتأنية تجد أن وحدة الهيلة مستلهمة من جذع النخلة وتحديداً من تناسق الكرب بعد التشذيب (التبطيط), وما ينتج من تخطيط هندسي أشبه بجذع النخلة شكل (2)
شكل(2) التنظيم الهندسي لجذع النخلة استلهمه الفنان لتوليد وحدات زخرفية.
شكل (1) الكرمك روح المشلح بشكل ח
شكل (2) الهيلة تماثل الجذع وتعطى انطباع على إدراك الفنان واستلهامه.
2- السمط:
وحدة زخرفية متراصة بشكل طولي منظم من هنا كانت التسمية برأي الباحث ففي المعجم الوسيط (السماط): الصف, يقال مشى بين سماطين من الجنود وغيرهم, وهم على سماط واحد أي نظم واحد,و(السمط) الآجر القائم بعضه فوق بعض, وقصيدة (سمطاء) أي مسمطة فهي منتظمة (1) والسمط يحيط بالتركيب الملاصق للبروج.
و أيضاً بالهيلة من الجانبين محدثة في رؤيتها شكلاً أقرب إلى السعفة, والسمط في نفس مستوى الهيلة وتكون بصف واحد أو صفين أو أكثر على حسب ذوق صاحب المشلح, و السمط حد فاصل مابين الهيلة والتركيب ,وشكله كما يلاحظ مستلهم من الشكل البنائي للسعفة و هيئتها و انتظام الخوص بعضه مع بعض شكل (1).
شكل(1) تلاحظ التشابه الكبير بين السمط في انتظامه و انتظام الخوص على السعفة على جانبي الجريدة.
ثانياً: المكسر
والمكسر حزام يحيط بالكرمك من الداخل ويزين الأكمام بخيوط ذهبية وتطعم بخيوط فضية وعند الزوايا وفي نهاية البشت باتجاه الأرجل بخيوط قطنية حتى لا يتعرض للتلف من كثرة الاستخدام.
والمكسر وحدته الزخرفية ربما مستلهمة من السعفة للتشابه الكبير بينهما ,شكل (1) يلاحظ التشابه الكبير بين المكسر والسعفة.
ثالثاً: البروج
البروج هو العمل الذي يأتي بعد (الطق) وهو يشمل الهيلة والتركيب, والبرج: الجميل الحسن الوجه, والبروج هو الزينة قال تعالى: وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ الحجر16. فالبروج كلمة صلتها مباشرة بالجمال والزينة, ويرى الباحث أن وحدة البروج مستلهمة من سعفة النخلة شكل (2) و أن أسماء الوحدات الزخرفية عربية وذات مدلول جمالي ولها مرتكز لغوي أصيل مما يعطي دلالة على أصالة الحرفة بالمنطقة والى ما يذهب إليه الباحث من أن الوحدات الزخرفية مستلهمة من البيئة الأحسائية.
شكل (2) تلاحظ التشابه بين زخرفة البروج وشكل السعفة .
ويظهر لنا بكل وضوح مما سبق, أن الفنان الشعبي استلهم من النخلة زخارفه ووظفها في مشغولاته ومن ضمنها زخارف البشت.
والنتيجة: أن النخلة استلهم منها الفنان الشعبي وحداته الزخرفية من شكلها العام وأجزائها, كما استفاد منها أهالي الأحساء غذائيًا واقتصاديًا من ثمرها وخاماتها حيث استخدمت في صناعة الحصير والمنز والسفرة وتسقيف المنازل بجذع النخلة وانتاج الحبال. واعتبروها الأصل قي كل شيء حتى في العقود والمواثيق تعتبر ركيزة, فإذا تم عقد تأجير النخل فإنه يكتب باعتبار كل سنة مقدرًا من التمر وليس مبلغا من المال, وهذا يدل على الذكاء والقطنة و لأن القيمة السوقية للنقود متغيرة بينما (التمر) كميته ثابتة مع مرور الزمن وتكون قيمة الكمية المتفق عليها في العقود ثابته وبسعر يتماشى مع مرور السنوات.
الأطفال الصغار الذين كانوا يذهبون للنخيل مع آباءهم وأجدادهم صاروا رجالاً كباراً، بل صاروا مبدعين في الفنون التشكيلة، وأخذوا مكانتهم الرائعة في المشهد الثقافي في الأحساء والمملكة العربية السعودية، وكانت النخلة رفيقتهم منذ الصغر، بل كانت هي العنصر الأول الذي بدأوا يرسمونه ويخربشونه على الأوراق والجدران وأغلفة الكتب. في هذا المبحث أجرينا عدداً من المقابلات الشخصية مع عدد من الفنانيين التشكيليين في الأحساء وسألناهم عن العلاقة الأزلية مع النخلة/الأرض/الحب في حياتهم وأعمالهم الفنية.
الفنان التشكيلي الأستاذ أحمد بن عبد الله المغلوث، حاصل على البكالوريوس في التاريخ من جامعة الملك عبد العزيز، بدأ الرسم منذ نعومة أظفاره، وتحديداً منذ الثمانينيات الهجرية. وقد بدأ الرسم وعمره ثماني سنوات. كان في صغره يذهب للنخل مشاهداً ومتأملاً ما تحتويه النخيل الباسقات من جمال وعظمة، ويتأمل كافة العناصر الزراعية الطبيعية من الزروع والحشائش والمياه الجارية وصروف الري والثبارا ورائحة الطبينة التي هي (ما يتم حرقه من بقايا النخل وأوراقه اليابسة)، وكان الفنان الصغير يلعب في النخل بالطين ويعجنه بيديه ويشمه ويتأمله، ويشكله على هيئات مختلفة كالجرة وكوب ماء وإناء. إلا أن بدايات خربشاته على الورق كانت برسم النخيل الباسقات الطويلات.
الفنان التشكيلي: أحمد المغلوث يرسم بالأسلوب الفني الواقعي وبالألوان الزيتية، وعمل الكثير من المجسمات الخاصة بالنخلة، سواء بالخشب أو الصلصال أو الطين. كما أنه أول من استخدم السفر المصنوعة من سعف النخيل (سفرة الطعام) ورسم عليها لوحاته الفنية، بمعنى أن المغلوث جعل من السفرة مادة خاما للرسم، وهذا ابتكار وتوظيف فني شعبي للوحة معاصرة. تجولنا في معرض الأستاذ المغلوث ورأينا العديد من اللوحات التي كانت النخلة فيها تمثل عنصراً أساسيا بوصفها النخلة/الوجود/العطاء/الرمز.
وكان السؤال الأول:
ختم الأستاذ المغلوث حوارنا معه بأن النخلة لم تؤثر عليّ أنا فقط، ولكنها أثرت على عموم الفكر والثقافة الوطنية، وصارت شعاراً للمملكة العربية السعودية.
سلمى علي الشيخ؛ هي فنانة تشكيلية، مشرفة تربية فنية، وحرفية ماهرة، وتجيد الخط العربي، والخياطة والطبخ. حاصلة على البكالوريوس في الاقتصاد المنزلي، بدأت الفن منذ عام 1405هـ. وتخلت عن تخصصها الأساسي وصارت معلمة تربية فنية عندما عرضت عليها إدارة مدرستها أن تكون معلمة تربية فنية، وذلك لتجذر الفن في قلبها وحبها للرسم. كانت تقدم لوحاتها في نطاق مدارس إدارة التعليم، وتقيم عدداً من المعارض الفنية، وتجهز الخامات الفنية للطالبات وأعمالهن الفنية فقط، حتى باغتتها مشرفات التربية الفنية فقلن لها: لديك طاقة فنية جميلة. لماذا لا تعملين لنفسك معارض خاصة؟ وبالفعل كان هذا السؤال محفزاً لتنطلق سلمى الشيخ من نطاق التعليم إلى نطاق الساحة الفنية في الأحساء والمملكة العربية السعودية. عند دخولنا لمعرض الأستاذة سلمى فإننا نبتهج بلوحاتها الكثيرة التي لا تكاد لوحة تخلو من عنصر النخلة وتوظيفها توظيفا جمالياً متعدد الاتجاهات. الفنانة التشكيلية" سلمى الشيخ" ترسم بالأسلوب الفني الواقعي والانطباعي والتجريدي أحياناً.
الفنان التشكيلي علي الدقاش، حاصل على بكالوريوس تربية فنية، وحرفي ماهر في الحفر وعمل المجسمات. بدأ ممارسة هواية الرسم وعمره عشر سنوات، واحترف الفن مع بداية دراسته الجامعية عام 1411هـ. تحضر النخلة في لوحات الفنان الدقاش بشكل كبير، ولديه لوحات كثيرة يظهر فيها عنصر النخلة بشكل أساسي في مستويين فنيين؛ مباشر وتجريدي. وأسلوبه الفني التجريدي سواء بالخطوط أو الأشكال أو الألوان يكون في اللوحات وفي المجسمات والنحت و التشكيل بعناصر البيئة بأسلوب (الكولاج).
باستعراض رواد الفن التشكيلي في الأحساء أيضا يحضرنا اسم لامع في مجال الفن التشكيلي، و هو الأستاذ والفنان التشكيلي: صالح بن محمد القريع، وهو من بلدة الطرف في محافظة الأحساء، حاصل على دبلوم الكلية المتوسطة 1407هـ، تخصص اجتماعيات فرعي دين، و قد بدأ الفن منذ نعومة أظفاره، أي من الحادية عشرة من عمره، مارس الفن بعدد من الطرق: الرسم و الحرف اليدوية، و بعدد من الخامات منها الصلصال والمسامير والخيوط الأهواز، ورسم العديد من المواضيع، و قد تنوعت أساليبه التعبيرية و مواضيعه، لكن أهم عنصر شد انتباهه هو الطبيعة الأحسائية الثرية، معبراً بها عن حبه وشغفه بوطنه الكبير المملكة العربية السعودية، و ببلدته الزراعية، و أهم عنصر فيها هي النخلة، فرسم عدة لوحات معبراً فيها عن النخلة وما تنتجه من حاجات المجتمع، من جذوعها وسعفها وخوصها ونواها، و أهم لوحة قام برسمها( دلة القهوة الحساوية و القفة ) القفة (حافظة الطعام المصنوعة من خوص النخل) بالأسلوب الواقعي و نقل الطبيعة الأم إلى لوحة بأسلوب الطبيعة الصامتة، كي ينقل للأجيال القادمة، الموروث الشعبي، و كيف كانت حياة الإنسان الأحسائي، و يقول الأستاذ صالح: يكفينا فخراً أن النخلة شعار المملكة العربية السعودية، متوسطة السيفين شامخة بينهما، و قد وعينا على الحياة و نحن محاطون بالنخيل من كل جانب.
كان لدينا تصور لدى كل الناس عن أم السعف والليف فكنا نخاف منها (تجيك أم السعف والليف) ولم نكن نعرف أنها النخلة إلا عندما أدركنا وكبرنا. والنخلة لها مكانة عظيمة في قلوب الأحسائيين وجميع سكان المملكة عامة.
ومن رواد الفن التشكيلي في الأحساء يبرز لنا اسم: عبدالعزيز بن خليل المبرزي، الفنان التشكيلي والمهتم بتوثيق التراث المعماري في الأحساء وبعض محافظات ومدن المملكة العربية السعودية، فقد رسم بريشته الساحرة معالم المجتمع الأحسائي قديماً، ووثق للأجيال القادمة الحياة الاجتماعية والمعمارية، والزي الذي كان الرجال والنساء يتزينون به، ولم يغب عن ذهن أو حس الفنان التشكيلي عنصر النخلة، باعتبارها الأم التي تعطي الإنسان الأحسائي كل ما يحتاجه في حياته سواء الغذاء أو الحذاء أو مواد البناء للمساكن، فرسم النخلة وما تنتجه من ثمار. و هنا أتذكر قول الشاعر السعودي الكبير " جاسم الصحيح" عندما يقول: (أحساء.. كم مرة أنجبتني؟ فأنا نسيت من كثرة الميلاد كم عددي).
والفنان التشكيلي: عبدالعزيز المبرزي فنان صاحب حس فني، ينقل لنا بريشته معالم الأحساء الطبيعية القديمة سواء التي شاهدها في صغره وكانت حاضرة إلى اليوم، أو ما زالت في مخيلته، أو ما شاهدها عبر صور الذكريات، فريشته و ألوانه تتمتع بألوان الطبيعة الأحسائية البكر، معبراً عنها بالأسلوب الفني الواقعي، و الأستاذ عبدالعزيز يعتبر النخلة في حياته مصدراً من مصادر الأمن الغذائي في الرخاء و النماء، ووقت الشدة لا سمح الله، بل و يحرص و يسعى برسالته الواضحة، معبراً بريشته و ألوانه للحفاظ على هذه النخلة الكنز، و هذا الموروث الخالد ما خلد الزمان.
(النخلة فرد من أفراد الأسرة) عبارة قالها الدكتور عبدالعزيز بن عبد الرحمن الدقيل، و هو فنان تشكيلي سعودي من الأحساء، استطاع بريشته أن يخلد النخلة في لوحاته، متنقلاً بها إلى العالم، مشاركاً بلوحاته في كندا و الأردن و مصر و المغرب و الكثير من البلاد الغربية و العربية، مفاخراً بها جميع العالم، و قد اعتبر الفنان التشكيلي عبدالعزيز الدقيل النخلة فرداً من أفراد الأسرة المكونة من الجد و الجدة و الأم و الأبناء، وذلك لكونه فتح عينيه على هذه الحياة ووجد النخلة حاضرة بينهم، وشامخة فوقهم، وتمدهم بكل ما يحتاجونه من غذاء وكساء، و كانت النخلة حاضرة في ذهنه في فترة الطفولة، فأصبحت مادة دسمة لرسوماته وخربشاته الطفولية، و عندما كبر و مارس الفن الاحترافي، أصبح يرسمها بالأسلوب الواقعي وكما تراها عينه، لكن الفنان يكبر وينضج فكراً وفناً وتصبح له رؤيته الخاصة وفلسفته تجاه الحياة، وبهذا التغير فقد تغيرت نظرته ورؤيته للنخلة وبدأ يرسمها بالأسلوب التجريدي، ومن أهم الرموز الجوانية في تعبيره: فقد اعتبر النخلة جزءاً لا يتجزأ من الأسرة و المكون الأحسائي، فقد رسم النخلة و الأشخاص بنفس الأسلوب، و بنفس الألوان و التكوين! لأنه اعتبر النخلة هي الإنسان الأحسائي بعطائه وبتنوعه الإنساني والفكري، وانسجامه مع المجتمع المتنوع بكل حب وعطاء، ويتحدث الدكتور: عبدالعزيز عن رسومات الأطفال وتعبيراتهم، باعتباره متخصصاً في مجال الأطفال، معلماً ومشرفا في التعليم العام، قبل انتقاله للتعليم الجامعي، فيقول: (الطفل الأحسائي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبستان و النخلة بشكل خاص بسبب قرب الطفل من الطبيعة الأحسائية و بخاصة أهل القرى الذين لا زالوا يتمتعون بالأجواء الطبيعية الساحرة من جريان المياه و من كثافة النخيل حولهم و عيشهم بين البساتين، بل أصبحت النخلة مادة أساسية في التعبير الفني لدى الطفل الأحسائي).
ولا يغفل الدكتور عبدالعزيز أهمية النخلة لدى القيادة السعودية الحكيمة، حيث حظيت النخلة بعناية من الدولة في جميع مناطق المملكة سواء بالدعم أو التنظيم للحفاظ على الثروة الزراعية والمائية، ولا يغفل الدكتور الجهود المبذولة من قبل الدولة أو الفرد الأحسائي أو المسؤول في إدراج الأحساء كواحة في منظمة اليونسكو، وقد رسم لوحات بهذه المناسبة و شارك بها في العديد من المعارض، فنقل هذه النخلة للعالم كلوحة وصورة بطريقته الفنية الخاصة، وأحياناً بطريقة رمزية بعيداً عن الواقع، فمثلاً في إحدى لوحاته نجد النخلة مرسومة جنباً إلى جنب مع الإنسان الأحسائي في تشابه كبير من ناحية الشكل واللون في دلالة واضحة لعطاء الإنسان كما تعطي النخلة وبشموخ الأحسائي كشموخها وبتنوع الفكر الإنساني كما هو تنوع النخيل، وقد تنحني النخلة في رسومات فناننا التشكيلي، وذلك يدل على سماحة و حنو الإنسان الأحسائي. وفي إحدى لوحاته اعتبر النخلة رمزا للسلام، فقد وضعها جنباً إلى جنب مع حمامة السلام البيضاء و شهادة التوحيد لا إله إلا الله.
(لو لم أكن رسامة لكنت عالمة) هكذا قالت الفنانة التشكيلة مريم بنت جواد بوخمسين الحاصلة على شهادة الماجستير في مناهج وطرق تدريس التربية الفنية، والتي بدأت الرسم منذ أمسكت بالقلم في عمر سنة ونصف تقريباً، وقد بدأت الرسم الاحترافي بعد تخرجها من البكالوريوس، و بدأت تظهر معالم أسلوبها الفني 2011م تقريباً.
وهنا سنتحدث عن النخلة الأحسائية في الفن التشكيلي ووجودها بين الريشة واللون بيد الرسام الأحسائي، وحديثنا عن النخلة من منظور العنصر النسائي، عبر الفنانة التشكيلة مريم بوخمسين المعلمة للمرحلة الابتدائية، و التي أدركت النخلة وجوداً طبيعيا في بيئتها منذ صغرها، وأدركت أهميتها بوصفها مكونا أساسياً للمجتمع الأحسائي، باعتبارها العنصر الغذائي والجمالي الذي يحيط بها من كل جانب، لكن الفنانة التشكيلية مريم لم تكن النخلة حاضرة في خربشاتها منذ صغرها! لاعتبارات عدة ومنها: صعوبة رسم النخلة بمكوناتها! ولا زالت تلاحظ الأستاذة مريم هذه الصعوبة بين طالباتها، فهي رسمت الكوخ و رسمت النهر و الجبال، لكنها لم تجرؤ على رسم النخلة في صغرها، ومن أهم الأسباب كذلك في عزوف الأطفال عن رسم النخلة: هو غياب النخلة عن بيئة الطفل فأصبح لا يشاهدها بسبب انعزال الطفل عن العالم المحيط به و الانغماس في التكنولوجيا! بل حتى التلفاز أصبح لا يعرف إلا ما هو عالمي من حضارات الشرق والغرب وإهمال الهوية السعودية.
الفنانة التشكيلية أدركت فيما بعد أهمية وجود النخلة في لوحة الفنان وذلك عندما أصبح لها فلسفة عميقة في إدراك الوجود الإنساني ومكونات عناصر المجتمع الأحسائي وعلاقة الإنسان بالأرض وعلاقته بما حوله! ومنها النخلة، فبدأت الفنانة بتوظيف النخلة لتتوافق مع أفكارها واكتمال فلسفتها في اللوحة بداية من التكوين وانتهاء باللون حتى تضع في نهاية العمل توقيعها، فلوحة من لوحاتها وضعت مجموعة من العناصر الموجودة في الأحساء ومكوناتها، فنجد طائر البلبل مثلاً حاضراً في لوحاتها، لأن البلبل وجد في النخيل ويعيش بمطلق الحرية لشعوره بالأمان، فأصبح يتكاثر ويتكاثر حتى أصبح من هويتها، ورسمته بالتكرار موزعاً على أركانها، وبعد ذلك أضافت عنصر النخلة بعدد ثماني نخلات تحيط اللوحة، ولم تضع جذوعها! بل وضعت عنصر الإنسان، الرجل والمرأة متماسكي الأيدي بشكل دائري و كانت تشعر بالحركة الدائمة في داخلها، و نجد الأجساد تحيط بأزهار (تباع الشمس) وهو كذلك موجود في البيئة الأحسائية، و زهرة تباع الشمس تدور وتدور داخل اللوحة وبالمركز، وفي منتصف اللوحة نجد الزخرفة الأحسائية القديمة المنتشرة في المعمار في كل بيت أو مسجد أو باب! وبتحليل اللوحة، نجد عبارة الأستاذة مريم حاضرة في لوحتها: (لو لم أكن رسامة لأصبحت عالمة فضاء) فاللوحة مرسومة وكأنها تسبح في فضاء كوني أبيض، فالنخيل تدور و البشر يدورون و العصافير تدور والأزهار تدور حول المركز، و الفنانة لم تغفل عن عنصر اللون، فقد وضعته بطريقة رمزية ذات دلالة واضحة! وللأستاذة فكرة عميقة في لوحتها وهي استخدام عنصر (المندالا) و هو التكرار الزخرفي ذو الطابع الروحاني، و الفنان التشكيلي مهتم جداً بالعنصر الروحي والفنانة تريد السباحة في الفضاء والخروج عن الأرض و اكتشاف الكون، لذلك نجد أسلوبها الفني والتكويني، والعناصر الموظفة في اللوحة تكاد تكون تسبح في الفضاء. فنرى النجوم والتكرار والظلام.
وفي النهاية تصل الفنانة بأفكارها نحو الهوية الوطنية، في تكاتف الإنسان من رجل وامرأة في بناء الوطن وصناعة الإنسان الإيجابي في مجتمعه.
ساهمت هذه النخلة المباركة بتأسيس عناصر اقتصادية ومنها المكاييل والأوزان والمقاييس، وذلك قبل أن يعرف الأحسائيون عناصر المكاييل والأوزان المشهورة حاليا. إن هذه الواحة ونخيلها لها الدور الأساسي في إلهام ساكنيها وفلاحيها وحرفييها بما يمكن أن يتعاملوا به من المقاييس والأوزان بناءً على ما تلهمه لهم الطبيعة الزراعية، وبما لديهم من ذكاء فطري وحاجة نحو الممارسات الاقتصادية في البيع والشراء والتأجير، وبما يراعونه من الأحكام الشرعية في البيع والشراء.
ومن أهم وأشهر عناصر المكاييل والمقاييس الشعبية القديمة في الأحساء، ولا تزال معروفة حتى هذا اليوم، ما عرف بـ (المغرس) و (المن) و (القله).
المغرس:
فالمغرس هي وحدة قياس للمساحات الزراعية، والمقصود بالمغرس أي عدد مغارس النخيل، "وكانت المساحات الزراعية والأراضي تقاس بـ"المغرس" وهي كلمة تعني مكان الزراعة، وجمعها مغارس، والمغرس يساوي مربع الذراع أو ما يساوي 12 خطوة صغيرة لكل جهة، ونظرياً يجب أن تزرع النُخيلات على فواصل ما بين 12-15 ذراعا، ومساحة المغرس تعرف بأربع نخلات تساوي حوالي (36 مترا مربعا)، وعدد المغارس في المزارع الكبيرة يساوي تقريباً عدد النخلات، لذلك فإن مزرعة الخمسة آلاف مغرس بها حوالي خمسة آلاف نخلة" (1).
وكان الأحسائيون ولا زالوا يتغنون في فنونهم وأشعارهم بمغارس النخيل، بوصفها وحدة قياس أو وزن أو بوصفها مصدر نعمة وجمال. ومثاله ما يتغنون به في فن الهيده (هيدة أم لالاه) الحساوية حيث يقولون: "لغرسنا النخل في وادي الشبعان شوفه همل" (2).
المَنّ:
والمن هو أيضا وحدة من وحدات كيل ووزن التمور، وتبلغ 4 مراحل، والمرحلة هي الوعاء المصنوع من سعف النخيل وهو مخصص لنقل التمور، فعدد أربع مراحل مليئة بالتمر يساوي منا كاملاً. وما زال هذا المصطلح مشهورا ومتداولا في الأحساء، فإذا أراد أحدهم أن يسأل عن سعر التمور قال: بكم هالمن؟ وبحسب إفادة الباحث والخبير المهندس عبد الله الشايب فـ "قبل أن يعرف أهل الأحساء الكيلو كوحدة للوزن كانوا يستعملون المن والقلة للتمر، والقياسه والربعه لبقية الأشياء. هذا وتستخدم أجزاء الربعة كنصف الربعة وربع الربعة لأنه لا يوجد ضابط أو ساس للوحدة، لذا تجد فارقاً ما بين 5 إلى 10 في المئة، وقد اعتبرت الربعة بشكل عام مؤخراً تساوي ثلث كيلو. وإليك جدولا يبين الأوزان ومقابلاتها بالكيلو(3):
<div><table><span id="docs-internal-guid-8b3634c0-7fff-674b-ea19-752d25163aa2"><div dir="rtl" align="left"></div></span><colgroup><col width="189"><col width="189"><col width="189"></colgroup><tbody><tr><td><p dir="rtl"><span>الوحدة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المقابل المحلي</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المقابل بالكيلو</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>الربعة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>---</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>31, -33,</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>الثمين أو الحقه</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>4 ربعات</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1,33-1,37</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>الصاع (ربع قياسه)</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>8 ربعات</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>2,3-2,7</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>القياسة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>32 ربعه</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>9,8-10,7</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>الحرات أو القلة الصغيرة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>64 ربعه</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>19,5-21,3</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>القلة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>6 قياسات</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>59,1-63,7</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>الماسمية</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>12 قياسة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>118,2-127,2</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>المن</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>4 قلات</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>235-254,5</span></p></td></tr></tbody></table></div>
وعندما كتب الرحالة ناصر خسرو علوي أثناء رحلته للحج، وزار عددا من أراضي العرب في المدة ما بين عامي 437-444هـ فقد زار الأحساء وعرج سريعاً على المكاييل والأوزان لديهم، وأكد أن مكاييل الأحساء خاصة لديهم ولا توجد خارجها، وأشار إلى (الزنابيل) و (المنّ)، ومما ذكره: "والبيع والشراء والعطاء والأخذ يتم هناك بواسطة رصاص في زنابيل، يزن كل منها ستة آلاف درهم، فيدفع الثمن عدداً من الزنابيل، هذه العملة لا تسري في الخارج" (4).
وذكر المنّ فقال: "وفي الحسا تمر كثير حتى إنهم يسمنون به المواشي، ويأتي وقت يباع فيه أكثر من ألف مَنّ بدينار واحد" (5).
القَلّة:
والقلة بوصفها وحدة وزن معروفة ومتداولة لدى كافة سكان الجزيرة العربية وأشعارهم، ووردت في أحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم، ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا ولا بأسا. قال: فقلت ليحي بن عقيل: أي قلال؟ قال: قلال هجر، قال محمد: رأيت قلال هجر فأظن كل قلة تأخذ قربتين (6).
وفي حديث المعراج قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فإذا ورقها مثل آذان الفيلة، وإذا نبقها مثل قلال هجر. واختلف في مقدار القلة من ذلك، فقال الخرقي رحمه الله وهو المشهور من الروايات، والمختار للأصحاب؛ إنها قربتان ونصف (7).
القياسة: وتنطق أيضا بالجياسة. وهي كذلك من مقاييس التمور والعيش الحساوي كذلك.
منتجات النخلة:
كما أن المنتجات التي تنتج من النخلة وهي كثيرة ساهمت في دفع عجلة الاقتصاد، فكان الحرفيون يشترون من الفلاحين أو أصحاب المزارع سعف النخيل وليفها وجريدها وكربها ويعيدون إنتاجها في عدد من الأشياء التي يستفيد منها الإنسان في حياته اليومية، ومن تلك الصناعات اليدوية القائمة على منتجات النخيل:
الحبال- المراحل- القراطل- السفر- الحصر- الأقفاص- المنزات للأطفال- الزبلان- القفف- المخارف- المهفات- المناسف- كما تستخدم جذوع النخيل لعمل أسقف البيوت- والتمر مكون من مكونات الخبز الحمر الحساوي- والسلوق أيضا من مكونات التمر-
ولا زال الأحسائيون يبدعون ويبتكرون أنواعا وفوائد كثيرة من منتجات النخيل، فقد ابتكر طالب سعودي اسمه راكان باهمام إنتاج ألواح خشبية مضغوطة من نوى التمر، وهذه الألواح تتميز بمتانتها وقوتها، وقد أجرى عليها تجارب متعددة، وشارك فيها في (أولمبياد إبداع) ثم تقدم بطلب براءة اختراع من مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله وتم قبول الاختراع.
كما أشارت مجلة سيدتي أن أهل الأحساء استثمروا نواة التمر وحولوها إلى مشروب قهوة، لما في النواة من منافع كبيرة (8).
كما أن نوى التمر كان مصدر إلهام لأحد المهندسين في شركة أرمكو ليجعل من التمر بديلاً عن قشور الجوز المستوردة لعمليات الحفر في آبار النفط، يستخدم في عمليات الحفر، وعمل على الفكرة وسجل براءة اختراع فيها، وقد تحقق هذه الفكرة بعداً اقتصاديا وتجاريا كبيراً (9).
وإذا كانت النخلة الحساوية ومنتجاتها بهذا الكم الكبير الذي يغطي احتياجات مساحات كبيرة من المملكة العربية السعودية والخليج العربي، ليس على مستوى الغذاء والمنافع فقط، بل تعدى نفعها في إنتاج ابتكارات لعالم النفط والطاقة، فلنا أن نتساءل: كم تقدر مساحات النخيل؟ وكم عدد النخيل في واحة الأحساء؟ وهل أعداد النخيل في ازدياد أم في نقص؟ وما الأسباب في ذلك يا ترى؟
بحسب إحصائية أوردها د. عبدالله السبيعي فقد "كانت المساحة المزروعة في واحتي الأحساء والقطيف قبيل تدفق النفط كبيرة، فقد بلغت المساحة المزروعة في واحة الأحساء وحدها أكثر من 30000 هكتارا، وبها أكثر من ثلاثة ملايين نخلة، وحوالي خمسين عيناً من عيون المياه المتدفقة، وعدة مئات من الآبار الجوفية" (10).
وهناك إحصائية أخرى نشرت عام 1405هـ (11) ولكنها على مستوى المملكة العربية السعودية وليس الأحساء فقط، وقد بلغت المساحة (المزروعة بالنخيل في المملكة بحوالي 57 ألف هكتار، تنتج أكثر من 400 ألف طن من التمور سنويا، وتنتشر زراعة النخيل في معظم مناطق المملكة الزراعية وهي على الترتيب التالي:
المنطقة الشرقية وتنتج 43%
المنطقة الوسطى وتنتج 16.5%
المنطقة الجنوبية وتنتج 14%
المنطقة الغربية وتنتج 11%
المنطقة الشمالية وتنتج 7.5%
وفي إشارة سابقة من بلدية محافظة الأحساء أن الأراضي المزروعة في محافظة الأحساء عام 1408هـ تشكل 45,2% من إجمالي الأراضي المزروعة بالمنطقة الشرقية (12).
أما في عام 1443هـ الموافق 2012م فقد رصد مركز النخيل والتمور -أثناء حصول الأحساء على رقم قياسي في موسوعة جينيس- عددا تقريبيا للنخيل في واحة الأحساء في حدود ثلاثة ملايين نخلة. وبحسب الإحصائية السابقة التي أوردها د. السبيعي، وإحصائية مركز النخيل والتمور فإن العدد ثلاثة ملايين نخلة ما بين أكثر وأقل لا يكاد يكون دقيقاً، خصوصا إذا درسنا عامل الفترة الزمنية بين الإحصائيتين (أكثر من أربعين سنة تقريباً) فهل معقول أن تظل النخلة محتفظة بأعدادها (لا تزيد ولا تنقص)؟ ولعل التحليل القريب للصواب أن أعداد النخيل في نقص وليس في ازدياد (هذا رأيي الشخصي) بسبب عوامل كثيرة منها انسحاب الرقعة السكانية على كثير من الأراضي الزراعية، وإهمال كثير من مزارع النخيل من ملاكها وأصحابها، أضف إلى أن عدداً لا يستهان به من مزارع النخيل تحولت إلى استراحات ونزل سياحية ليس القصد منها جني التمور ولا العناية بالنخيل! في إشارة مهمة في هذا الصدد جاء ورودها في كتاب مخصص عن الأحساء في مئوية التوحيد عام 1419هـ 1999م، وصدر عن بلدية محافظة الأحساء. جاء فيه ما يبرر السؤال السابق: "وقد بلغ ما صدرته الأحساء من التمور 1320هـ حوالي 10 آلاف طن، ... ولقد أشارت دراسات عام 1381هـ إلى أن الأراضي المزروعة قد تقلصت إلى 16 ألف هكتار ثم انكمشت في الوقت الراهن لتصل إلى ما لا يتجاوز 8 ألف هكتار. كما أشارت دراسات أخرى إلى أن أسباب هذا التقلص في قطاع الزراعة يرجع إلى عدة أسباب أهمها:
اليوم نحن بصدد الاطلاع على إحصائيات مهمة ودقيقة أيضا من الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، حيث أورد التقرير السنوي للمركز الوطني للنخيل والتمور (14) اجمالي عدد النخيل في المملكة وكمية الإنتاج 2019م كالتالي:
المنطقة الشرقية إجمالي عدد النخيل 4042524
عدد النخيل المثمر 3431533
إجمالي كمية الإنتاج (طن) 2135159
كمية الإنتاج المباع 1822930
وبناءً على الأرقام الواردة فإن ظروفاً كثيرة قد قست على النخلة الحساوية وبدلاً من ازدياد وازدهار أعدادها فإنها قد تتقلص مع السنوات القليلة القادمة، وهذا خطر محدق ببيئة الأحساء ما لم يفطن المواطنون والمسؤولون إلى هذا ويتدارك الأمر بسن استراتيجية عملية للمحافظة على النخلة وزيادة غرسها.
موسوعة جينيس:
سجّل مركز النخيل والتمور بالأحساء رقماً قياسياً عالمياً في موسوعة غينيس للأرقام القياسية من خلال ضمه أكثر من 127 صنفاً وطنياً ودولياً وأكبر بنك أصول وراثي لنخيل التمر على مستوى العالم. وأن أهم الأصناف والأنواع من تمور الأحساء بلغت 13 صنفاً وهي: (خلاص، شيشي، رزيز، خنيزي، شبيبي، غر، هلالي، وصيلي، شهل، أم رحيم، خصاب، برحي، بكيرة). كما أن المركز أنجز عدداً من المهام في هذا الجدول التالي (15):
<div><table><span id="docs-internal-guid-800a0e31-7fff-0266-6bde-b376cfe49cf0"><div dir="rtl" align="left"></div></span><colgroup><col width="61"><col width="312"><col width="179"></colgroup><tbody><tr><td><p dir="rtl"><span>م</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المهام</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>عدد</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>1</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>العدد التقريبي النخيل</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>3.000.000</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>2</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المفحوص</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>5182407</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>3</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>الإصابات</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>3679</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>4</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المعالج بالفوسفيد</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>3571</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>5</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المعالج معالجة تقليدية</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>106</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>6</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المزال</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>0</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>7</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المرشوش</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>110151</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>8</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>ورش العمل</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>12</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>9</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المطبوعات</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>40</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>10</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>الزيارات</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>410</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>11</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>الورش التدريبية للعمالة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>377</span></p></td></tr></tbody></table></div>
أرقام مهمة أوردتها وكالة الأنباء السعودية (16) أنفوجرافيك
مصانع التمور في الأحساء: 30
منتجاتها:
صناعة الدبس، وعجينة التمر، وخل التمر الطبيعي، وبودرة التمر، وماء اللقاح.
عدد النخيل في محافظة الأحساء 2.2 إلى 2.3 مليون نخلة.
عدد الأصناف: 34 صنفا من التمور.
نسبة الإنتاج: نسبة الخلاص والشيشي والرزيز تشكل 75% من الإنتاج الكلي للأحساء.
السعر:
متوسط سعر المَنّ الواحد من تمر الخلاص 900 ريال
متوسط سعر المَنّ الواحد من تمر الرزيز 700 ريال
متوسط سعر المَنّ الواحد من تمر الشيشي 600 ريال
معايير الجودة (بحسب طول ولون وجودة التمر
عدد المصانع:
عدد المصانع المرخصة أكثر من 30 مصنعا
90% منها مصانع تعبئة
تنتج الأحساء 10% من إنتاج المملكة من التمور
منتجات جديدة للتمر: حليب الأطفال. الزبادي. خل التمر الطبيعي.
دراسات جاري العمل عليها: لإمكانيات إدخال التمور في صناعة:
الآيسكريم. البسكويت. الكيك. الخبز. العصائر. المشروبات الغازية. خميرة الخبز. الكحول الطبي.
جدول لأهم الوزارات ومركز الأبحاث المهتمة بالنخيل في الأحساء
<div><table><span id="docs-internal-guid-7359c8a3-7fff-8a65-1de0-e63912dd93ab"><div dir="rtl" align="left"></div></span><colgroup><col width="34"><col width="135"><col width="108"><col width="144"><col width="147"></colgroup><tbody><tr><td><br></td><td><p dir="rtl"><span>المركز</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>سنة التأسيس </span></p></td><td><p dir="rtl"><span>مجالات العمل</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>نوع القطاع</span></p></td></tr><tr><td><br></td><td><p dir="rtl"><span> هيئة الصرف والري </span></p><p dir="rtl"><span>تحولت فيما بعد إلى: المؤسسة العامة للري</span></p><p dir="rtl"><span>عام 1439هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>هيئة الصرف تأسست عام 1392هـ</span></p><br></td><td><p dir="rtl"><span>تطوير وتحسين نظام الري والصرف التقليدي الذي كان سائدا بالواحة من آلاف السنين</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>حكومي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>1</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>وزارة البيئة والمياه والزراعة. مكتب محافظة الأحساء</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>لايوجد</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>تطوير منتجات النخيل، ومبادرات توعوية للفلاحين وأصحاب النخيل.</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>حكومي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>2</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>المركز الوطني للنخيل والتمور</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1432</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>إنشاء مركز متطور للمساهمة في تطوير قطاع النخيل والتمور</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>حكومي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>3</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>مركز أبحاث النخيل والتمور. جامعة الملك فيصل</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1403</span></p><p dir="rtl"><span>1983</span></p></td><td><ul><li dir="rtl" aria-level="1"><p dir="rtl" role="presentation"><span>إجراء بحوث علمية.</span></p></li><li dir="rtl" aria-level="1"><p dir="rtl" role="presentation"><span>العمل على إيجاد دعم مالي متعدد المصادر.</span></p></li><li dir="rtl" aria-level="1"><p dir="rtl" role="presentation"><span>التعاون العلمي والتبادل المعرفي المحلي والعالمي في قطاع النخيل والتمور.</span></p></li><li dir="rtl" aria-level="1"><p dir="rtl" role="presentation"><span>إيجاد طرق وحلول حول ترشيد مياه الري المستخدمة في زراعة النخيل .</span></p></li><li dir="rtl" aria-level="1"><p dir="rtl" role="presentation"><span>مقاومة سوسة النخيل الحمراء.</span></p></li></ul></td><td><p dir="rtl"><span>حكومي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>4</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>مركز النخلة للصناعات الحرفية</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>1424هـ</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>مركز مهني للصناعات الحرفية والتدريب.</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>قطاع خاص</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>5</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>جمعية النخلة التعاونية</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>لايوجد</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>تنمية شاملة</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>قطاع غير ربحي</span></p></td></tr><tr><td><p dir="rtl"><span>6</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>لجنة التنمية الزراعية بالغرفة التجارية</span></p></td><td><p dir="rtl"><span>لايوجد</span></p></td><td><ul><li dir="rtl" aria-level="1"><p dir="rtl" role="presentation"><span>المساهمة في تطوير التشريعات الداعمة والمنظمة للاقتصاد.</span></p></li><li dir="rtl" aria-level="1"><p dir="rtl" role="presentation"><span>اقتراح المبادرات والدراسات بهدف تطوير وتحسين بيئة الأعمال.</span></p></li></ul></td><td><p dir="rtl"><span>قطاع غير ربحي</span></p></td></tr></tbody></table></div>
وبعد: فإن النشاط الاقتصادي للنخيل في الأحساء جدير به ما سبق ذكره من مراكز ومؤسسات ووزارات لرعاية النخلة في الأحساء والمملكة العربية السعودية، خصوصاً إذا عرفنا ما تتنوع به النشاطات من فعاليات دورية وسنوية، وبرامج توعوية وتثقيفية. كما أن هناك عدداً لا بأس به من شباب البلاد يساهمون في تسويق منتجات النخيل من خلال ابتكار تطبيقات إلكترونية يعدونها من خلال مشاريع تخرج من جامعة الملك فيصل.
مما مضى في بحث (نخلة الأحساء وأثرها الثقافي على مر العصور)، ومن خلال المباحث التي وصفت التراث الثقافي للنخلة؛ تاريخها وأثرها، فبالإمكان أن نجمل النتائج على النحو التالي:
وبناء على ما مضى من المعلومات الكثيرة الواردة في البحث، فإننا نقترح الخروج بالتوصيات التالية:
القرآن الكريم.
الملا، عبد الرحمن. روضة الأزهار في متنوعات الأشعار " ديوان شعر". جمع: مراد بن عبد الله الملا. ط1. 2013 ص297.