الإنسان امتداد صحرائه
لم ير الإنسان في الصحراء قطيعةً معه بل امتدادًا له، إنه من ترابها، تعلِّمه من أين جاء وإلى أين يعود..
وقد تفاعل مع مكوناتها بمحبةٍ فممَّا يُنسب لقيس بن الملوّح قوله:
"صغيرينِ نرعى البهمَ ياليت أنَّنا
إلى اليوم لم نكبرْ ولم تكبر البهمُ"
هكذا مزج بين حبه لليلى وحبِّه للبيئة المحيطة، فتمنى ألا شيء تغير من عناصرها، حتى كأنَّ أن لقاءه لن يتحقق إلا إذا صاحبته تلك الصورة القديمة في مخيّلته عن المكان.
ويقول طرفة بن العبد:
”وإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِه
بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي“
فلم تكن الإبل وسيلة نقل فقط عند طرفة بل ملهمته في موضوعه الشعري ورفيقته إن ارتحل قاصدًا مكانًا ما أو راغبًا أن يبدد الهمّ عن نفسه، بأوصاف تدل على التصاقه المعنوي بها، وانغماسه في التعبير عنها.
الإنسان أم الإبل
بالعودة إلى التاريخ نجد أن الإبل أثرت في الثقافة العربية وتمازجت صفاتها مع الموروث الشعبي العربي بشكل عام والسعودي بشكل خاص.
وما هو الوصف الذي يتبادر إلى أذهاننا حين نرى الناقة؟ وماهي المعايير الجمالية التي نتناولها؟
حدد المختصون مواطن جمال الناقة ابتداءً برأسها وانتهاءً إِلى ذيلها في ثلاثة محاور: الرأس، والرقبة، والجسم (الوِسْرَة) ولكل واحدٍ من المحاور عناصر عدة.
تحدث عنها بالتفصيل الباحث تركي الغنّامي، في دراسته "الإبل.. تاريخ وهوية" كما تطرق للعديد من المواضيع الشيقة التي قد تشبع فضول القارئ وتجيب عن التساؤل الأهم الذي قد يتبادر للعديد من الأذهان:
هل أثرت الإبل على حياة البدو وأكسبته صفاتها أم هو من طوعها بصفاته؟
لقراءة بحث "الإبل.. تاريخ وهوية" انقر هنا.
وثق باحث التاريخ والحضارة والفلك القديم مشاري النشمي نقوش الإبل العربية في الرسوم الصخرية القديمة في مختلف تضاريس المملكة، وترجم هذا الإرث العريق المُمتد لأكثر من 7000 آلاف عام في كتابه:
"الإبل العربية في الرسوم الصخرية"
عن الشاعر السعودي خلف بن هذال في وصفه للإبل:
"البل لها في مهجة القلب منزال
منايح القصّار سفن الصحاري
مراجلٍِ يشقى بها كل رجال
إفلاس بايعها نواميس شاري"